العلة الطردية
  «الفصول» في حواشيه أن المراد بالوهم الظن، وحاصله التفريق بين الطردي، والشبه: بأن الشبه ما أوهم المناسبة بخلاف الطردي كما سيأتي، والشبَهُ لا يفيد الظن ألبتة فتأمل، وأشار بقوله: أَوْ أَنْ يَدُورُ ... إلخ: إلى الدوران، وقد أوضحه بقوله: هُوَ أَنْ يُوجد حيثْ يوجدُ ... إلخ:. أي يوجد الحكم بوجوده، ويفقد: أي يعدمُ بعدمهِ، قال صاحب «التعريفات»: الدوران لغةً: الطواف حول الشيء. واصطلاحًا: ترتيب الشيء على الشيء الذي له صلوح العلية كترتب الإسهال على شرب (السَّقْمُونيا) والشيء الأول يسمى دائرًا كالإسهال مثلًا. والثاني: يسمى مدارًا كـ (السَّقْمُونيا) وهو المراد بالعلة، وهو على ثلاثة أقسام: الأول: أن يكون المدار مدارًا للدائر وجودًا لا عدمًا، كشرب (السقمونيا) للإسهال، فإنه إذا وجد وجد الإسهال. وأما إذا عدم فلا يلزم عدم الإسهال لجواز أن يوجد الإسهال بدواء آخر، والثاني: أن يكون المدار مداراً للدائر عدمًا لا وجودًا كالحياة للعلم، فإنها إذا لم توجد لم يوجد العلم، أما إذا وجدت فلا يلزم أن يوجد العلم، والثالث: أن يكون المدار مدارًا للدائر وجودًا وعدمًا، كالزنا الصادر عن المحصن لوجوب الرجم عليه، فإنه كلما وجد وجوب الرجم، وكلما لم يوجد لم يجب(١)، وهذا القسم الثالث هو المذكور هنا(٢)، إذا عرفت هذا: فمن أمثلة الوصف الموهم للمناسبة الكيل، فإنه علة تحريم التفاضل في الأشياء الأربعة شبهيةً سواءً قيل هي الكيل كما قاله أصحابنا والحنفية، أو الطعم كما قاله الشافعية، أو القوت كما قاله المالكية، أو المالية كما قاله ابن الماجشون وكالطهارة في قياس إلحاق إزالة النجس بإزالة الحدث، في تعيين الماء بجامع كونها طهارة تراد للصلاة، فإن الجامع وصف شَبَهِيٌّ إذ لا تظهر المناسبة، وأما احتجاجهم بإجماع الصحابة على التعليل بعلل شبهيةٍ كتعليلهم مسألة قول الرجل لزوجته: أنتِ عليّ حرام، إلحاقاً كقوله: أنتِ عليّ كظهر أمي بجامع كونهما يوجبان الكفارة، والإجماع منتف كما ذكرنا.
العِلَّةُ الطَّرْدِيَّةُ
  وأما الطردية فهي وصف ليس بمؤثر ولا مناسب ولا مُوهم للمناسبة كقولهم في منع
(١) كتاب التعريفات ص ١٧٣، ط ٢، دار النفائس - بيروت ٢٠٧.
(٢) صاحب التعريفات السيد علي بن محمد بن علي السيِّد الزَّيْنِ أبو الحسن الحسيني الجرجاني الحنفي وحيثما ذكر في هذا الكتاب فهو المعني ص ١٤٠ ط ١/ ١٤٠٧ هـ عالم الكتب - بيروت.