باب الاعتراضات الواردة على القياس
  والفرع الخنزير والجامع النجاسة الغليظة، والحكم التحريم للدباغ، فيقول المعترض: لا نسلم أن جلد الكلب لا يقبل الدباغ، وجوابه: بإقامة الدليل على ثبوت حكم الأصل. والخامس التقسيم، وقد أشار إلى معناه بقوله:
  ٣٣٢ - بأنْ يكونَ اللفظُ ذَا تَرَدُّدِ ... مَا بينَ أمرينِ بمنعٍ واحد
  وهذا النوع الخامس مما يعم وروده على جميع المقدمات، وحقيقة ما أشار إليه بأن يكون اللفظ مترددًا بين أمرين: أحدهما ممنوع. ومثاله: أن يقال: في الصحيح الحاضر إذا فقد الماء: وجد سبب التيمم وهو تعذر الماء. فيجوز التيمم، فالأصل المريض والفرع الصحيح الحاضر، والعلة تعذر الماء، والحكم جواز التيمم، فيقول المعترض: أتريد أن تعذر الماء مطلقًا سبب لجواز التيمم؟ أم تعذره في السفر أو المرض؟ فالأول ممنوع، وحاصله أنه منع بعد تقسيم؛ لأنه قَسَّمَ السبب إلى الإطلاق والتقييد بالسفر أو المرض، ثم منع الإطلاق كما مثلنا. ثم أشار إلى الاعتراض السادس بقوله:
الاعْتِرَاضُ السَّادِسُ
  ٣٣٣ - سَادِسُهَا منعُ وجودِ المدَّعى ... في الأصلِ علةً فَكُنْ مُستَمِعا
  أي أن السادس من الاعتراضات هو ما أشار إليه بقوله: سَادِسُهَا ... إلخ: وهو منع وجود المدعى علة في الأصل، مثاله، أن يقال: في الكلب: حيوان يغسل من ولوغه سبعًا، فلا يقبل جلده الدباغ كالخنزير، فيقول المعترض: لا نسلم أن الخنزير يغسل من ولوغه سبعًا، فالأصل الخزير والفرع الكلب، والعلة كونه يغسل من ولوغه سبعًا، والحكم كونه لا يقبل جِلده الدباغ، وَجَوَابُهُ: بإثبات وجود الوصف بما يكون طريقًا لثبوت مثله، إن كان حسيًّا، فبالحس أو عقليًّا فبالعقل، أو شرعيًّا فبالشرع، ومثال ما جمع الثلاثة أن يقال: في القتل بالمثقل(١) قتلٌ عمدٌ عدوانٌ فيوجب القصاص، كالمحدد والأصل القتل بالمحدد والفرع القتل بالمثقل، والعلة كونه قتل عمد عدوان والحكم وجوب القصاص، فيقول: المعترض لا نسلم أن العلة في الأصل كونه قتلُ عمدٍ عدوانٍ، فيقول المستدل: هو قتل حِسًّا وعمد
(١) كأن يباشر القتل بحديدة أو بحَجَرٍ غير آلة القتل الحادة. والله أعلم.