باب الاعتراضات الواردة على القياس
  الأصل بقياس، فقد اجتمع قياساهما، ثم الأول اتفقا فيه على الحكم، وهو الأصل باصطلاح دون الوصف الذي يعلل به المستدل، فيُسمَّى مركب الأصل والثاني اتفقا فيه على الوصف الذي يُعلل به المستدل فيسمى مركب الوصف والقول الأول هو ما ذكره صاحب الغاية وغيره، ومثاله: أن يحتج على الحنفية في أن العبد لا يقتل به الحر: عبدٌ فلا يقتل به الحر كالمكاتب والمقتول عن الوفاء ووارث مع السيد، فيقول الحنفي: العلة عندي في عدم قتل الحر بالمكاتِب جهالة المستحق للقصاص من السيد والورثة، واجتماعهم على طلب القصاص لا يرفع الاشتباه لاختلاف الصحابة ¤ في المكاتب المخلّف للوفاء، هل يموت حرًا أو عبدًا؟ والمستحق على الأول الوارث، وعلى الثاني المولى، فإن صحت هذه العلة بطل إلحاق العبد به في الحكم لعدم مشاركته له في العلة، وإن بطلت فإن الخصم يمنع حكم الأصل، ويقول: يُقْتَلُ الحر بالمكاتب لعدم المانع، فإن لم يدع وارثًا غير السيد أو ترك ولا وفا أقاد السيد عند أبي حنيفة وأبي يوسف خلافًا لمحمد، ومثال الثاني: وهو منع وجود العلة في الأصل أن يقول في الاستدلال على أن تعليق الطلاق للأجنبية قبل النكاح على شرط لا يصح قياسًا على عدم التعليق، كأن يقول للأجنبية: إن تزوجتك فأنتِ طالق، ثم تزوجها، فيقول: طلاق معلق على شرطٍ، فلا يصح قبل النكاح كلو قال: زينب طالق لأجنبية.
  فيقول الحنفي: العلة التي عللت بها وَهِيَ كونه تعليقًا مفقود في الأصل، إذ قولك: زينب طالق تنجيزٌ لا تعليق، فإن صح فقدها في الأصل: بطل الإلحاق لعدم الجامع، وإن لم يصح: منعت حكم الأصل وهو عدم الصحة في قولك: زينب طالق؛ لأني إنما منعت الوقوع لكونه تنجيزاً، فلو كان تعليقًا لقلت به، وعلى التقديرين: لا يصح القياس؛ إذ لا يخلوا عن منع العلة في الأصل، أو منع حكم الأصل المقيس عليه، وجواب هذا الاعتراض أن يثبت المستدل أن العلة هي ما علل بها، وأنها موجودة في الأصل؛ بدليل من عقل أو حس أو شرع، وإن لم يُسلم الخصم.
الاعْتِرَاضُ الخَامِسُ وَالعِشْرُون
  ثم آخرها وهو الاعتراض الخامس والعشرون سؤالُ التَّعْدَية: وذكروا في مثاله أن يقول المستدل: في البكر البالغة: بكر فتخير كالصغيرة، فيقول المعترض: هذا معارض بالصغر، وما ذكرته، وإن تعدى به الحكم إلى البكر البالغة فما ذكرته أنا قد