فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

الاستصحاب

صفحة 195 - الجزء 1

الاستِصْحَابُ

  ٣٥٤ - وقَدأَتى من بَعْدِهِ استصْحَابُ ... وَهْوَ كَمَا قَدْ ذَكَرَ الأَصْحَابُ

  ٣٥٥ - أَعْنِيْ ثُبُوتَ الحكمِ في الُمسْتَقْبَلِ ... لكونِ ذاكَ في زمانٍ أَوَّل

  ٣٥٦ - لِفَقْدِ مَا يَصلحُ للِتَّغْيِيْرِ ... لَا زِلْتَ في حِمَايَةِ القَدِير

  الاستصحاب في اللغة: طلب كون الشيء في صحبتك، وفي الاصطلاح: ما ذكره الناظم، وهو ثبوت الحكم في وقت مستقبل لثبوته قبله لفقدان ما يصلح للتغيير، ومنعه المهدي، وأهل المذهب في روايته، وأثبته صاحب «الفصول» عن جمهور أئمتنا $ وغيرهم. وهو ينقسم إلى: معمول به عقلًا، كاستصحاب البراءة العقلية، حتى يرد ناقل، فلذا حكمنا بانتفاء صلاة سادسة، وصوم غير رمضان، أو شرعيًا كاستصحاب الملك والنكاح والطلاق حتى يرد مغير كالعلم بالبيع والطلاق، والرجعة، وإلى غير معمول به كاستصحاب النص بعد نسخه، ومثاله قول بعض الشافعية في المتيمم يرى الماء في صلاته: يستمر فيها استصحابًا للحال؛ لأنه قد كان عليه المضي فيها قبل رؤية الماء، ومن رام إيجاب الطهارة بالماء وحكم بعدم صحة الصلاة بعد رؤيته، فإن تيممهُ باطل؛ لذلك فعليه الدليل، وعند جمهور أصحابنا: لا تصح الصلاة إلا بالماء مطلقًا، وعند بعضهم: إن غلب ظنه إدراك الصلاة مع الطهارة والوقت باق، وجوز مالك والشافعي الخروج والاستمرار. والله أعلم. ثم أشار إلى الثالث بقوله:

الاستدلال بشرع من مضى

  ٣٥٧ - وثالثُ الأنواعِ شرعُ مَنْ مَضَى ... مِنْ قَبلِنَا نِلْتَ القَبُوْلَ والرضَا

  ٣٥٨ - ولم يكنْ خيرُ الورى تُعُبِّدَا ... مِنْ قَبْلِ بعثِهِ بشرٍع أَبَدَا

  ٣٥٩ - وَبَعْدَها صحَّ بِغَيْرِ مَانِعِ ... بِغَيرِ منسوخٍ من الشرائع

  أراد أن ثالث الأنواع من الاستدلال هو شرع من مضى من قبلنا من الأنبياء À أجمعين، وقد اختلف في تعبده ÷ قبل البعثة بشرع من قبله، فقال: أئمتنا $ وجمهور المعتزلة وبعض الفقهاء: إن النبي ÷ لم يكن متعبدًا قبل البعثة بِشَرْعٍ منْ شرع مَنْ قَبْلَهُ من الأنبياء آ، وقال البيضاوي وابن الحاجب وغيرهما: بالثبوت، واختلفوا، هل كان متعبدًا بدين معين أو لا؟ فقيل: بمعين، واختلفوا، فقيل: هو شرع