فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

كيفية العمل عند انعدام الدليل الشرعي

صفحة 200 - الجزء 1

  أصل له في حديث مالك، ولا من فوقه، وأما حديث: «اقتدوا» فضعه الذهبي. وأما حديث «عليكم بسنتي ... إلخ»، فرواه أبو داود وضعفه ابن القطان⁣(⁣١). انتهى. ثم أشار إلى كيفية العمل عند عدم الدليل الشرعي، فقال:

كيفية العمل عند انعدام الدليل الشرعيِّ

  ٣٦٨ - واعملْ هُدِيْتَ بِدليلِ العَقْلِ ... مَعْ عدمِ الشرعِ بِغَيْرِ فَصْل

  ٣٦٩ - وأعلمْ بأنَّ كلَّ ما يُنْتَفَعُ ... بِهِ وَلَا ضُّرَّ هُنَاكَ يَقَعُ

  ٣٧٠ - وذاك مثلُ المَشْيِ فِيْ البَرَارِيْ ... والشرْبِ يا فتى مِنَ الأَنَهْار

  ٣٧١ - فَحُكمُهُ إباحةٌ عَقْلًا بِلَا ... تَرَدُّدٍ وقيلَ بَلْ حَظْرٌ جَلَا

  ٣٧٢ - وقيلَ بِالوقْفِ عَلَى ما ذَكَرُوا ... فانظرْ وحقِّقْ ما اقتضاهُ النظرُ

  أشار إلى كيفية العمل في الحادثة عند عدم الدليل الشرعي من الكتاب والسنة والإجماع والقياس، وأنواع الاستدلال عند من أثبتها دليلًا، فإنه يعمل حينئذٍ بدليل العقل، ولا بد هاهنا من تقديم كلام يعين على المقصود، أولها مسألة التحسين والتقبيح؛ لأنها من أمهات أصول الفقه؛ لأن معظم أبوابه الأمر والنهي، وهو يقتضي حسن المأمور به، وقبح المِنْهُي عنه، فَلَابُدَّ من البحث عن الحسن والقبح، ثم يتفرع عليه كونها من مهمات الفقه لئلا يثبت بالأمر ما ليس بحسن وبالنهي ما ليس بقبيح، وكون الشيء حسنًا لذاته أو لغيره، ومن مهمات علم الكلام من جهة البحث عن أفعال الباري هل تتصف بالحسن؟ وهل تدخل القبائح تحت إرادته تعالى عن ذلك؟ إذا عرفت هذا فالحسن والقبيح يطلقان على ثلاثة معانٍ: الأول: بمعنى ملائمته للطبع كالملاذ ومنافرته له، كالآلام، والثاني: بمعنى كونه صفة كَمَال كالعلم وصفة نقص كالجهل، وهذان لا خلاف فيهما أنهما عقليان بمعنى أن العقل يدرك الملاءمة والمنافرة، ويدرك صفة الكمال وصفة النقص، وإلا كان صاحبه كالبهيمة، والثالث: بمعنى كونه متعلقًا للمدح عاجلًا، والثواب آجلًا. والذم عاجلًا والعقاب آجلًا، وهذا هو الذي وقع فيه الخلاف بين المعتزلة، والأشاعرة، وتفرعت هذه المسألة إلى مسائل كثيرة مبسوطة في علم الكلام، والخلاف هل الحسن والقبح بالمعنى الثالث


(١) الميزان ٢/ ١٤١، ٣٧٩، ٤/ ٣٣٦، والتلخيص لابن حجر ٤/ ١١٠، وتهذيب التهذيب ٣/ ٤١٩.