النص وأقسامه
  وأشار بقوله: حيثما ورد أي: بسواءً كان بالوضع الأصلي كالأسد للحيوان المفترس، أو بعرف الاستعمال كالغائط للخارج المستقذر، إذ غلب فيه بعد أن كان في الأصل للمكان المطمئن، وقد يكون بعرف الشرع كالصلاة لذات الأركان والأذكار بعد أن كانت في الأصل للدعاء. ثم أشار إلى تقسيم النص بقوله:
النَّصُّ وأَقْسَامه
  ٣٧٨ - وَالَنَّصُّ قِسمانِ صريحٌ وَهْوَ مَا ... قَدْ وُضِعَ اللفظُ لَهُ مُتمِّمَا
  ٣٧٩ - وهو الذي يَدُلُّ بِالمُطَابَقَهْ ... أو بِتَضَمُّنٍ كَمَا قَدْ حَقَّقَهْ
  ٣٨٠ - وغَيْرُهُ دلالةُ التِزَامِ ... منقسمٌ أيضًا إلى أقسام
  أشار الناظم إلى أن النص ينقسم إلى صريح وغير صريح، والصريح هو الذي يدل عليه اللفظ، إما مطابقة أو تضمناً، وغير الصريح ما دل عليه اللفظ إلتزاماً، إذا عرفت هذا فلا بد من بيان الدلالة(١) وأقسامها الثلاثة ليتضح المراد، فنقول: الدلالة: هي كون الشيء بحيث يلزم من العلم به العلم بشيء آخر، فالأول: هو الدال، والثاني: هو المدلول، والدال إن كان لفظًا، سميت الدلالة لفظية، وإلا فغير لفظية، وكل مِنْهُما إن كان بسبب وضع الواضع وتعيينه للأول بإزاء الثاني فوضعية، كدلالة لفظ زيد على ذاته في اللفظية، ودلالة الدوال الأربع(٢) التي هي الإشارة، والكتابة، والعقد، والنُّصُبُ، على مدلولاتها في غيرها، وإن كان بسبب اقتضاء الطبع فَطبَعيةٌ كدلالة حدوث الدال عند عروض المدلول كدلالة أحْ أَحْ(٣): على وجع(٤) الصدر، وكدلالة سرعة النبض على الحمى، وإن كان بسبب أمر غير الوضع والطبع فعقلية كدلالة اللفظ المسموع من وراء الجدار على اللَّافظ وكدلالة الدخان على النار، والمراد هنا هي الدلالة اللفظية الوضعية، إذ عليها مدار الإفادة والاستفادة، وَهِيَ تنقسم إلى ثلاثة أقسام، مطابقة، وتضمن والتزام؛ لأن اللفظ إن دل على تمام ما وضع له فمطابقة كدلالة
(١) دلالة: بفتح الدال وكسرها تمت.
(٢) الدوال الاربع: هي الخطوط والعقود والإشارات والنصب. تمت مؤلف
(٣) دلالة (أخْ) بفتح الهمزة والخاء المنقوطة على الوجع مطلقًا وكدلالة (أحْ) بفتح الهمزة أو ضمها والحاء المهملة على وجع الصدر تمت.
(٤) وجع الصدر: السعال.