فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

مفهوم الصفة

صفحة 210 - الجزء 1

  المعنى، نحو: «في الماشية زكاة»⁣(⁣١) فإنه مثل قولك في الغنم زكاة، وهو ضعيف ساقط والآخذ به قليل مِنْهُم أبو بكر محمد بن محمد بن جعفر الدقاق الشافعي، قال الجويني: إنهُ صار إلى مفهوم اللقب طوائف من الشافعية، ونقله أبو الخطاب الحنبلي⁣(⁣٢) في «التمهيد» عن منصور بن أحمد ونسب إلى أحمد، قال أبو الخطاب: وبه قال مالك وداود⁣(⁣٣)، والصحيح ما عليه الجمهور، [من] أنه لا يعمل به؛ لأن المفهوم إنما يعتبر لتعيينه فائدة، لانتفاء غيرها من الفوائد، واللقب قد انتفى فيه المقتضى لاعتبار المفهوم؛ لأنه: لو طرح اللقب من الكلام لاختل الكلام، فإنما يذكر في الكلام لاستقامة الكلام، إذ لا يستقيم الكلام بدونه، وهذه أعظم فائدة فيه، وهذه الطريق هي أقوى ما يتمسك به في إبطاله، فلهذا اخترناها على سائر الطرق. ثم أشار إلى الثاني بقوله:

مفهوم الصفة

  ٣٩٥ - وَبَعْدَهَا فِي العدِّ مفهومُ الصِّفَهْ ... فَإِنَّهُ أَقْوَى فَكُنْ ذَا مَعرِفَهْ

  ٣٩٦ - والحالِ والعلةِ ثُمَّ الظَّرْفِ ... جَمِيعُها داخلةٌ في الوصف

  أشار إلى النوع الثاني وهو مفهوم الصفة، والمراد بها هنا ما أشعر بمعنى في الموصوف، مما ليس بشرط ولا استثناء ولا غاية ولا عدد لا النعت فقط، فلهذا قلنا بدخول الحال والعلة والظرف فيها، ومثال الصفة: قوله ÷: «في كل إبلٍ سائمةٍ من كل أربعينَ ابنةُ لبونٍ»⁣(⁣٤)، فالسائمة صفة، ومفهومها المعلوفة، وَهِيَ تدل على نفي الزكاة في المعلوفة، وكقوله تعالى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ}⁣[النساء: ١٥]، فإنه يفهم مِنْهُ إنْ كُنَّ مؤمنات، اشترط في الشهود كذلك وإلا فلا، وقوله تعالى: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ}⁣[المجادلة: ٢]، فإنه يدل على أن ظهار الكافر لا يصح، وقوله تعالى: {فَلَا


(١) أصول الأحكام ١/ ٢٤٠ باب زكاة الماشية.

(٢) أبو الخطاب الحنبلي: محفوظ بن محمد بن الحسن الكلوذاني أبو الخطاب حنبلي (ت ٥١٠ هـ)، أعلام الزركلي ٥/ ٢٩١.

(٣) داود: هو داود بن علي بن حلف الأصبهاني الظاهري إمام المذهب الظاهري ولد بالكوفة ونشأ ببغداد وفيها مات سنة ٢٧٠ هـ. وإنما قيل له الأصبهاني لأن أمه أصفهانية. طبقات الحنفية ١/ ٤١٩.

(٤) أمالي أحمد بن عيسى ١/ ٢٦١، النسائي ٨/ ١٦٣ رقم (٢٤٠١).