فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

أقسام الحقيقة

صفحة 216 - الجزء 1

  للنقل، كذلك أنها علامة كون لفظ الحقيقة غالبًا غير محتاج إلى الموصوف، وَهِيَ في اللغة الراية، وما يلزم الرجل حفظه من أولاده، وأقاربه، قال عبيدة الأبرص:

  نَحْمِي حَقِيقَتَنَا وَبَعْضَ ... الْقَوْمِ يَسْقُطُ بَيْنَ بَيْنَا

  وبمعنى ذات الشيء اللازمة له مِنْ حَقَّ إذا لزم، وأما في الاصطلاح ما أشار إليه الناظم، ومعنى ما ذكره أنها الكلمة المستعملة فيما وضعت له في اصطلاح التخاطب فقولنا: الكلمة جنس الحد يشمل الحقيقة وغيرها، وبقوله: المستعملة: احتراز مِنْهُا قبل الاستعمال كلفظ ضاربٍ بعد أن حكم الواضع بأن كل صيغة فاعل من كذا فهو كذا فإنها لا تسمى حقيقة كما لا تسمى مجازًا لخروجها عن حَدِّهِ، فتكون فائدة الوضع قبل الاستعمال جوازًا لتجوزه، وقولنا: فيما وُضِعَتْ لَهُ: الجار والمجرور متعلق بالمستعملة، أي في معنى وضعت تلك الكلمة له من حيث إنها وضعت له يخرج المجاز وبقيد الحيثية يخرج الغلط نحو: خذ هذا الكتاب مشيرًا إلى فرس، وبقولنا: في اصطلاح ... إلخ: يخرج المجاز المستعمل في ما وضع له، لكن في غير اصطلاح التخاطب كالصلاة مثلًا إذا استعملها الشارع في الدعاء، فإنه قد استعملها فيما وضعت له، لكن في اصطلاح غير اصطلاحه، إذا عرفت هذا فأعلم أن الوضع لغة: جعل الشيء في حيز معين، وفي الاصطلاح: مشتركًا بين معنيين: أحدهما: تعيين اللفظ بإزاء معنى وعلى هذا فاللفظ المجازي موضوع لمعناه المجازي، وثانيهما: تعيين اللفظ للدلالة على معنى بنفسه فيخرج المجاز؛ لأنه إنما يدل بقرينة لا بنفسه كما سيأتي، والفرق بين الوضع والاستعمال: أن الوضع يطلق على جعل اللفظ دليلًا على المعنى، والاستعمال إطلاق اللفظ وإرادة مسماه بالحكم. ثم أشار الناظم إلى أقسام الحقيقة بقوله:

أقسامُ الحقيقة

  ٤١١ - وَهِيَ عَلَى مَا ذَكَرُوا عُرْفِيَّهْ ... أو لُغَوِيَّةٌ كذا شَرْعِيّهْ

  ٤١٢ - ثُمَّ اصطلاحيةُ أو دِيْنِيَّهْ ... فَهَذِه أقسامُها الكُلِّيَّهْ

  اعلم أن الحقيقة تنقسم إلى خمسة أقسام عرفية منسوبة إلى العرف، وَهِيَ ما وضعه أهل العرف العام، سواءً كان بوضع عرفي جديد لم يسبقه معنى لغوي أو بنقلٍ عن معناه الأصلي إلى معنى آخر وغلب عليه، وهجر الأول بحيث يدل عليه بلا قرينة، وعلى الأول بالقرينة،