فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

ضبط أنواع العلاقة وصورها

صفحة 225 - الجزء 1

  السكون عدم الاضطراب، وإن كانت منحصرةً متنافية فحكي عن قاضي القضاة: أن الكلام يكون مع ذلك مجملًا يحتاج إلى بيان، وقيل: المكلف مخير في أيها شاء، وقوله: وَهْوَ مُرْسَلُ ... إلخ: أشار إلى أن المجاز نوعان: الأول: مرسل إن كانت العلاقة غير المشابهة، وسمي مرسلًا لأن الإرسال في اللغة: الإطلاق والاستعارة مقيدة بادعاء أن المشَبَّهَ مِنْ جِنْس المشَبَّهِ بِهِ، والمرسل مطلق من هذا التقييد، والمعتبر في العلاقة نقلُ نوعها بإجماع أئمة الأدب، فيكتفى بنقل العلاقة، ولا يشترط نقل المجاز في الأصح؛ لعدم توقف أهل العربية في التجوز عليه.

ضبط أنواع العلاقةِ وَصُوَرهَا

  وقد أشار الناظم إلى ضبط أنواع العلاقة بقوله:

  ٤٢٩ - وَانْحَصَرَتْ عَلاقَةُ المَجَازِ ... فيمَا أَتَى هُنَا بِلَا إِلْغَاز

  ٤٣٠ - تَسْمِيَةُ الشَّيِء باِسم آلَتِهْ ... وَهَكَذَا الظَّرْفُ بِمَظْرُوْفِيَّتِهْ

  أشار إلى الأول مِنْهُا، وهو تسمية الشيء باسم آلَتِهِ، كقوله تعالى: {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ ٨٤}⁣[الشعراء: ٨٤]، أي ذكرا حسنًا؛ لأن اللسان اسم لآلة الذكر، ومثال الظرفية قوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ}⁣[آل عمران: ١٠٧]، أي في الجنة التي تحل فيها الرحمة، ومثال المظروفية: أي كون المعنى الحقيقي ظرفًا للمجازي، كقوله ÷ لعمه العباس: «لا يَفْضُضِ اللَّهُ فَاكَ»⁣(⁣١)، أي أسنانك إذ الفم محل الأسنان، قوله:

  ٤٣١ - والجُزْءُ باسمِ الكلِّ والعكسُ أَتى ... كالعَيْنِ لِلْرِّبْئَةِ فَافْهَمْ يَا فَتَى

  أما تسمية الجزء باسم الكل فقوله تعالى: {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ ١٩}⁣[البقرة ١٩]، أي أناملهم، والغرض مِنْهُ المبالغة، كأنه جعل جميع الأصبع في الأذن لئلا يسمع شيئًا من صوت الصاعقة، وَعَكْسهُ: وهو تسمية الكل باسم الجزء كالعين التي هي الجارحة المخصوصة للرَّبيئَةِ وَهِيَ الشخص الرقيب، وإنما يكون فيما له مزيد اختصاص بالمعنى كالعين في المثال، فإن لها مزيد اختصاص بالنظر والمراقبة، قوله:


(١) المستدرك على الصحيحين للحاكم باب ذكر العباس رقم (٥٤٢٦ و ٥٤١٧).