بيان معنى الاستعارة
  شربتُ الإثمَ حتى ضَلَّ عَقْلِي ... كَذاكَ الإثمُ يذهبُ بالعقول(١)
  جعل الخمر إثمًا لكونه سببًا لها، قوله
  ٤٣٨ - ثُمَّ مجازُ الحذفِ والنُّقْصَانِ ... مِنْهُا كَمَا قُرِّرَ في البَيَان
  أما مجاز الحذف فالمراد به حذف المضاف مع إقامة المضاف إليه مقامه، أو غير ذلك نحو: {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا}[النساء: ١٧٦]، أي لأِلاَّ تضلوا. ونحو: {وَجَاءَ رَبُّكَ}[الفجر: ٢٢] أي أَمْرُ ربك. {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ}[يوسف: ٨٢] أي أهلها، ومجاز النقصان هو الذي يكون من دون إقامة المضاف إليه مقامهُ كقول الشاعر:
  أَكُلّ أمْرِئٍ تَحْسِبينَ امْرَءًا ... وَنَار تَوقَّدُ بِاللَّيْلِ نَارًا(٢)
بيان معنى الاسْتِعَارة
  قوله
  ٤٣٩ - وَإنْ تَكُ العَلاقَةُ التَشْبِيْهَا ... فَهْيَ استعارةٌ كما نُمْلِيْهَا
  ٤٤٠ - كأسدٍ للرَّجُلِ الشُّجَاعِ ... فاحْفَظْ وَكُنْ لِلْعِلْمِ خَيْرَ وَاع
  لما فرغ الناظم من حصر أنواع العلاقة في المجاز المرسل شرع في بيان معنى الاستعارة، وَهِيَ ما كانت العلاقة فيها المشابهة، أي تشبيهُ المعنى المجازي بالمعنى الحقيقي كما مثله الناظم بقوله: كأسدٍ للرَّجُلِ الشُّجَاعِ: في قولك: رأيت أسدًا، فقد شَبَّهْتَ الرجلَ الشجاعَ بالأسد.
  واعلم أن للاستعارة أقساماً لا بد من ذكرها ليكون هذا الشرح جامعًا مفيدًا للطالب، فنقول الاستعارةُ: هي اللفظ المستعمل في ما شُبِّهَ بمعناه الأصلي لعلاقة المشابهة كالأسد في قولنا: رأيت أسدًا يرمي، فقد استعملت لفظ الأسد فيما شبه، أي في الرجل الشجاع الذي شبه بمعنى الأسد الأصلي، وكثيرًا ما تطلق الاستعارة على استعمال اسم المشبه به كأسد مثلًا في المشبه، وهو الرجل الشجاع مثلًا، فعلى هذا تكون بمعنى المصدر، ويصح مِنْهُ حينئذٍ الاشتقاق في المشبه به والمشبه، فيكون المشبه به مستعاراً مِنْهُ والمشبه مستعاراً له، ولفظ المشبه به كالأسد مستعار؛ لأنه بمنزلة اللباس الذي استعير من آخَرَ فأُلْبِسَ غيره وَهِيَ باعتبار
(١) من شواهدر تفسير الألوسي ٦/ ١٥٩، وبحر العلوم للسمرقندي ١/ ١٨٣.
(٢) استشهد به سيبويه في الحذف - تفسير القرطبي ١٦/ ١٥٧، والألوسي ٧/ ١٣٤.