فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

فصل في الأمر والنهي

صفحة 232 - الجزء 1

  بالقرينة، أوبجمعه على خلاف جمع الحقيقة، كأُمُوْرٍ: جَمعُ أَمْرٍ للفعل، وامتناع أوامر أو بعدم اشتقاق مِنْهُ، وهذه العلامات كلها مدخولة. أَمَّا النص: فلكونه مظنونًا، وَأمَّا الجمع: فلأن من المجاز ما لا يجمع أصلًا، كالتجوز بالفعل والحرف، وقد يُجمع جمع الحقيقة كأسود، وَأمَّا الاشتقاقُ: فقد سبق من المجاز كما في الاستعارة التصريحية.

فَصْلٌ في الأَمْرِ والنهي

  ٤٤٨ - والأَمرُ بالصيغةِ قولُ القَائِلِ ... لِغيرِه مُسْتَعْلِيًا نحو: افْعَل

  ٤٤٩ - عِنْدَ إِرَادَةٍ لِمَا تَنَاوَلَهْ ... فَاحَفظْ كَلَامْيِ يافَتَى وَحَصِّلَهْ⁣(⁣١)

  ثم لما فرغ الناظم من بيان الحقيقة والمجاز شرع في بيان الأمر والنهي، وقدم الأمر لكونه يقتضي إثبات الشيء والنهي يقتضي تركه، أو ما في حكم الترك، وهو الكف على اختلاف الرأيين، أي أن الأمر الحاصل بالصيغة هو قول القائل لغيره حال كونه مستعليًا عليه نحو: افعل، كأكرم زيدًا {وَلْيَطَّوَّفُوا}، ورويد بمعنى: أمهل، ونزال بمعنى أنزل من القول الإنشائي الدال على طلب الفعل من الفاعل المخاطب، فقولنا: قول القائل: جنس قريب. وقولنا: لغيره: احتراز عن قوله لنفسه، فليس بأمر حقيقة؛ لأن من شرط الأمر الرتبة أو ما يجري مجراها من الاستعلاء، ويستحيل في الإنسان أن يكون دون نفسه، أو مستعليًا عليها، وقوله: نحو افعل، بيان للصيغة المذكورة. وقولنا: مستعليًا، أي على جهة الاستعلاء، أي عد الآمر نفسه، عاليًا، سواءً كان عاليًا في نفسه أَوْلا، وبه يخرج الالتماس والدعاء، وقوله: عند إرادةٍ ... إلخ: أي مريدًا لما تناوله الأمر من الفعل المطلوب، فيخرج التهديد نحو قوله تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ}⁣[فصلت: ٤٠]، إذ ليس المراد عمل ما شاؤوه، وكذا يخرج سائر أنحاء الكلام من الخبر والاستخبار والعرض وغير ذلك، قوله:

  ٤٥٠ - وَلِلْوُجُوبِ لُغَةً وَشَرْعَا ... فَألْقِ نحو مَاَ أَقُوْلُ الْسَّمْعَا

  اعلم أنه وقع الخلاف، هل الأمر حقيقة في الوجوب؟ فقال أكثر أئمتنا، والمعتزلة والفقهاء: إنه موضوع للوجوب لغة وشرعًا، كما أشار إليه الناظم، وقال أبو طالب، وأبو


(١) في أصل المخطوط ص ١٧١: فاحفظ كلامي واستمع ما أنقله. وتم إصلاحه كما أُثبت، والله أعلم بالصواب.