فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

بيان المخصص المتصل

صفحة 263 - الجزء 1

  لأنك أثبت بالاستثناء الأول خمسة وأخرجت مِنْهُا ثلاثة، وبقي اثنان، وضممت إليهما واحدًا، فيكون الباقي ثلاثة، فإن كانت الاستثناءات متعاطفة أو لم يكن الاستثناء من المتلوِّ بأن يستغرقه بعد الاستثناء فيكون من الأول، وهو المذكور قبلها، مع إمكان رجوع الجميع إليه بأن لا تكون مستغرقة له، وإلا بطل ما وقع به الاستغراق، ومثال المتعاطفة: جاءني المكَّيونَ إلا قرشيًّا، وإلا هاشمًا، وإلا عقيلًا، وأما غير المتعاطفة التي لا يمكن فيها إرجاع كل تال إلى متلُوِّه، فمثاله: عليَّ عشرة إلا اثنين إلا ثلاثة، فيكون اللازم خمسة فينقص اثنان من العشرة، ثم ثلاثة مِنْهُا، إذ لا يمكن من الاثنين، فيكون الباقي خمسة، وهذا إذا لم يتعدد ما قبل الاستثناء، فإن تعدد فإن كان المتعدد مفردات نحو: تصدق على الفقراء والمساكين وابن السبيل إلا الفسقة مِنْهُم، فلا خلاف في عوده إلى الجميع لعدم استقلال المفردات، وإن كان جملًا غير متعاطفة، فإن كان ترك العطف لكمال الانقطاع فهو قرينة على عدم العود إلى الجميع، وإنما يعود إلى الأخيرة، ومعنى كمال الانقطاع كما في علم المعاني والبيان: أن تختلف الجملتان خبرًا وإنشاءً، لفظًا، ومعنى، نحو: اضرب بني تميم الفقهاء أصحاب الشافعي إلا الطوال⁣(⁣١)، وإن كان لكمال الاتصالبين الجملتين كأن تكون الثانية بمثابة البدل أو عطف البيان نحو: أعطه ما في بيتك، أعطه الثياب إلا البيض، فهو قرينة على عوده إلى الجميع، قوله

  ٥٢٠ - وَهْوَ يَعُودُ عِنْدَ أهلِ المعرفَهْ ... إِنْ جاءَ بَعْدَ الجُمَلِ المُتْعَاطِفَهْ

  ٥٢١ - إِلىَ الجَمِيْعِ حيثُ لَا قرينهْ ... مَعْلُومةً تكونُ لَا مَظْنُوْنهْ

  اعلم أن الاستثناء إذا جاء بعد الجمل المتعاطفة يعود إلى الجميع، حيث لا قرينة تصرفه عن ظاهره، ويقضي بعوده إلى البعض، وقد قدمنا تحقيقه، والخلاف فيه، والله أعلم.

بيانُ المخَصِّصِ المتصلِ

  ثم لما فرغ من بيان المخصص المتصل شرع في بيان المخصص المنفصل، فقال:

  ٥٢٢ - وقد تَنَاهَى القولُ في المتَّصِلِ ... وَحُقَّ أَنْ نَشْرَعَ في المُنْفَصِل

  ٥٢٣ - وَهْوَ كتابُ اللَّهِ ثُمَّ السُنَّةِ ... وبعدَهَا الإجماعُ يا ذَا الفِطْنَة


(١) يعود لأصحاب الشافعي تمت مؤلف.