فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

ما أدخل في المخصص

صفحة 269 - الجزء 1

  محل النزاع، وهو الذي ذكره الناظم، وأما الثاني: فمعناه تخصيص العموم مع وروده على سبب ولا نزاع فيه، وأما الثالث: فمعناه، إما إخراج السبب عن الحكم، ولا نزاع فيه، وأَما الإخراج مِنْهُ، فإن كان عامًا وخص نحو أن يقال: هل يتطهر بالماء الذي يلقى فيه القذر؟ فيقال: الماء طهورٌ لا ينجسه شيء، إلا ما غَيّرَ طعمَه أو ريحه، أو لونه، فلا شك أن السبب، أعني الماء الذي يلقى فيه القذر قد أخرج مِنْهُ بعضه، وهو المتغير، ولا نزاع فيه أيضًا.

مَا أُدخِلَ في المُخَصصَّ

  قوله:

  ٥٣٠ - ولا تُخَصِّصِ العمومَ أَبَدَا ... بِمَذْهَبِ الراوي لهُ نِلْتَ الهُدَى

  لما فرغ الناظم من بيان المخصص المتصل والمنفصل، أراد أن يبين ما أدخل فيه، وليس مِنْهُ، فمِنْهُا: مذهب الصحابي، مثل حديث «لا يَحْتكِرُ إلَّا خَاطِئٌ» رواه مسلم [رقم ٣٠١٣] من حديث سعيد بن المسيب، عن مَعْمَرِ بن عبد الله، عن النبي ÷، وكان سعيد يحتكر الزيت، فقيل له؟: فقال: إن معمر راوي الحديث، كان يحتكر الزيت، ومختار أئمتنا والجمهور: أنه لا يخصص العام بمذهب راويهِ كما أشار إليه الناظم غفر الله له، ولا بمذهبه مطلقًا، سواءً كان راويًا للحديث أَوْ لا؛ لأن مذهبه ليس بحجة، والعموم حجة، وإلا كان تركًا للدليل بغير حجة، وهو غير جائز، ولا اعتداد بخلاف الحنفية، والحنابلة، والله أعلم، قوله:

  ٥٣١ - وَلَا بِعادةٍ ولا تَقْدِيْرِمَا ... أُضْمِرَ في المعطوفِ حيثُ عُلِمَا

  اعلم أنه إذا ورد عام وعادة المخاطبين به بعض ما تناوله العام، نحو: «لا تبيعوا الطعام بالطعام، إلا مثلًا بمثل يدًا بيد» فإن كان بإطلاق لفظ على بعض أفراد العام الدال عليها لغة نحو: أن يكون عرفهم إطلاق الطعام على البر مثلًا، ثم يأتي النهي عن بيع الطعام بالطعام، فقد قيل: إنه لا نزاع في أنه يعمل فيه بالعادة؛ لأنه في الحقيقة من تقديم الحقيقة العرفية على اللغوية، فإن كانت باستمرار فعل شيء نحو: أن يستمر مِنْهُم تناول البر دون سائر المطعومات، ثم يأتي النهي المذكور، فهو عند الجمهور على عمومه فيهِ وفي غيره لا يخُصَّصُ بالعادة، وهو الذي أشار إليه الناظم، والمراد بالعادة ما انتفى خلافه، أو ندر، وذلك لعدم حجيتها، إذ لا تصلح دليلًا على نقل اللفظ مِنَ الْعُمُومِ إلى الخصوص، وما لا يصلح دليلًا ولا يبطل به الدليل غايته أن تتفاوت دلالة العام في المعتاد وغيره، كما لا تتفاوت دلالة ما ورد على سبب خاص في السبب وغيره، وعند الحنفية يتخصص بالعادة كما يتخصص بالعرف، فإن لفظ: