فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

باب المجمل والمبين

صفحة 275 - الجزء 1

  ولا العكس لاختلافهما في التغليظ والتخفيف، الثالث: أشار إليه بقوله: لا اختلاف السَّبَبِ ... إلخ: أراد أنه لا يحمل المطلق على المقيد أيضًا، حيث اختلف السبب، واتحد الجنس والحكم، مثاله: إطلاق الرقبة في كفارة الظهار واليمين وتقييدها بالأيمان في كفارة القتل فالسبب: وهو الظهار والقتل واليمين مختلف، والجنس وهو العتق والحكم: وهو الوجوب متحد، وهذا على المختار عند مصنف الكافل والحنفية مطلقًا سواءً كان بجامع أو غيره؛ لأن إعمال الدليلين واجب ما أمكن، فيجب إجراء المطلق على إطلاقه، والمقيد على تقييده، إذ لو حمل المطلق على المقيد للزم إبطال المطلق؛ لأنه يدل على إجراء المقيد وغيره فيبطل الأمر الثاني من غير ضرورة، ومذهب جمهور أصحابنا والمتكلمين، والأظهر من مذهب الشافعي وأصحابه: أنه يحمل المطلق على المقيد إن اقتضى القياس التقييد بأن يوجد بينهما علة جامعة مقتضية للإلحاق فيكون تقييدًا للمطلق بالقياس كتخصيص العام به، وَإنْ لا يقتضهِ القياس بأن لا يوجد بينهما علة جامعة، فلا، وقد روي عن الشافعي وأصحابه: أنه يجب الحمل مطلقًا؛ لأن كلام الله تعالى في حكم الخطاب الواحد، قال الجويني: وهذا من فنون الهذيان، فإن قضايا الألفاظ في كتاب الله مختلفة متباينة لبعضها حكم التعليق والاختصاص، ولبعضها حكم الانقطاع، فمن ادعى تنزيل جهات الخطاب على حكم كلام واحد، فقد ادعى أمرًا عظيمًا. قُلْتُ: وما ذكره هو الحق والله أعلم، الرابع: اختلاف السبب، والحكم نحو: أَكُسُ تميميًّا وأطعمْ باهليًا عالمًا، فهذا لا يحمل فيه المطلق على المقيد، والله أعلم.

  فائدة: إذا تجاذب المطلق ثَلَاثَةَ تقييداتٍ كما ورد في نجاسة الكلب قيده في رواية بالأُوْلَى، وفي رواية «أُخْراهن بالتراب»، وفي رواية «أولاهن، أو أخراهن بالتراب»، وأطلق في رواية فقال: «إحداهن بالتراب»، فيعمل بهذا المطلق، ولم يحمل على واحد من المقيدات، قال صاحب «تيسير البيان»: ولا التفات لما ذكره الإشنائي، واعتقده في هذه المسألة.

بَابُ الُمجْمَلِ والمُبَيَّنِ

  ٥٤٩ - والقَوْلُ في المجملِ والمبَيَّنِ ... متَّضِحٌ لِكُلِّ حَبْرٍ مُتْقِن

  ٥٥٠ - فَكُلُّ ما لَا يُفْهَمُ المرَادُ ... مِنْهُ عَلى التَّفْصِيْلِ إِذْ يُرَادُ

  ٥٥١ - فَذلِكَ المُجْمَلُ والمبَيَّنُ ... خِلَافُهُ كَمَا بِهِ يُبَيَّنُ