خطاب الوضع وأقسامه
  اقتضى الفعل لا حتمًا، والمَكْرُوْهُ: ما اقتضى الترك لا حتمًا، والإِبَاحَةُ: ما لا يقتضي أحدهما؛ وتُعَرَّفُ هذه الأحكام الخمسة بِمُتَعَلَّقَاتِهَا بفتح اللام أي بحدود متعلقاتها: وَهِيَ الأفعال الاختيارية الشرعية، وقد أشار إليها الناظم بقوله:
  ٢٩ - فالواجِبُ المثابُ مَنْ يَفْعَلُهُ ... كَمَا يُعَاقَبُ الَّذِيْ أَهْمَلَهُ
  ٣٠ - وَعَكْسُهُ الحرامُ فَالْمنَدُوْبُ ... وَهْو الذي في أَصِلِهِ مَحْبُوْبُ
  ٣١ - فَهْوَ الَّذي فَاعِلُه يُثَابُ ... وَمَا عَلَى تَارِكِهِ عِقابُ
  ٣٢ - وعكسُهُ المكرُوهُ والْمُبَاحُ ... لَيْسَ على تاركِهِ جُنَاحُ
  الوَاجِبُ: قد يكون بمعنى الساقط؛ قال تعالى: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا}[الحج: ٣٦]. أي سقطت، ومِنْهُ وَجَبَتِ الشَّمْسُ، وقد يكون بمعنى: اللازم يقال: وجب عليه كذا أي لزم، وفي الاصطلاح ما أشار إليه الناظم بقوله: أي هو الفعل الذي يثاب فاعله ويعاقب تاركه وذلك: كالصلاة، والصوم وسائر الواجبات، وقوله: وَعَكْسُهُ الحرامُ: أي بالعكس اللُّغوي: فهو ما يثاب تاركه، ويعاقب فاعله، وذلك: كالزنا وشرب الخمر والقتل العمد العدوان وغير ذلك من المحرمات. وقوله: المندوبُ: وهو الذي يستحب فعله وهو: الذي يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه. وعكسُهُ: المكروه: وهو ضد المحبوب، فهو: ما يثاب تاركه ولا يعاقب فاعله. والْمُبَاحُ: ما ليس على تاركه جناح، أي حرج، ويستلزم من ذلك أن فاعله كذلك فيكون حده: ما لا ثواب ولا عقاب في فعله ولا تركه، وهو معنى عدم الجُناح.
  واعلم أن الإباحة حكم غير مكلف به؛ لأن التكليف إما إلزام أو طلب ما فيه كلفة ولا إلزام ولا طلب في المباح وغير مأمور به؛ لأن الأمر طلب وهو(١) ينافي الإباحة: للزوم ترجيح المطلوب على غير المطلوب، والإباحة: تستلزم تساوي الطرفين أعني: الترك والفعل، ومنع التساوي خلاف الضرورة والإجماع. ثم أشار إلى القسم الثاني بقوله:
خِطَابُ الوَضْعِ وَأَقْسَامُهُ
  ٣٣ - ثُمَّ خِطَابُ الْوَضْعِ شَرطٌ مَانِعُ ... وَسَبَبٌ والقَوْلُ فِيْهِ وَاسِعُ
  قد تقدم أن الخطاب الشرعي قسمان: تكليفي، ووضعي؛ والوضع: عبارة عن جعل
(١) أي الطلب تمت مؤلف