توابع الأحكام
  ٣٧ - ثُمَّ إِلىَ مُعَيَّنٍ مُخَيَّرِ ... كَمَا أَتَى في وَضْعِهِ المُعتَبَر
  الواجب المعين: مالا يقوم غيره مقامه، وقد يكون عَقْلِيًّا، إما ضروريًّا: كشكر المنعم وقضاء الدين، وإما استدلَالِيًّا: كشكر الله تعالى ورسوله والوالدين، وشرعيًا: كالصلاة والزكاة، والمُطْلَقُ: ما لم يذكر له وقت يخصه: كمعرفة الله في العقلي، والزكاة: في الشرعي، والموسع: ما يتسع لأكثر من وقته: كالصلاة، والمضيق وقته: ما كان لمقدار العمل: كالصيام، فإنه من الفجر إلى الغروب. والمؤقت: ما ضرب له وقت من الواجبات مضيقها وموسعها كما تقدم، والمُخَيَّرُ: ما يقوم غيرهُ مقامَه على التخيير كالكفارات الثلاث(١).
  واعلم أنه وقع الخلاف هل يتعلق الوجوب بالجميع على جهة البدل؟ بمعنى أنه لا يجوز للمكلف الإخلال بجميعها، ولا يلزمه الجمع بينها، ويكون فعل كل منها موكولًا إلى اختياره لتساويها في الوجوب، أم الواجب منها واحد لا بعينه؟ الأول: كلام أصحابنا والمعتزلة، والثاني: كلام الأشاعرة وأكثر الفقهاء والخلاف في العبارة لا في المعنى، وفيه: أن ثمرة الخلاف فيمن حلف (بعد حنثه وقبل تكفيره) بالطلاق ما عليه عتقٌ فيقع الطلاق على الأول لا الثاني، قوله:
  ٣٨ - والمُسْتَحَبُّ رادَفَ المنْدُوْبَا ... فَافْطَنْ لِمَا قُلْتُ تَكُنْ مُصِيْبَا
  ٣٩ - وَكُلُّ مَسنونٍ أَخَصُّ مِنْهُمَا ... لِأَنَّهُ مُلَازَمٌ قَدْ عُلِمَا
  المسنونُ: ما أمر به الرسول ÷ ولازم فعله، فهو أخص من المستحب والمندوب المترادفين، فكل مسنون مندوب ولا عكس، ثم لما فرغ الناظم من بيان الأحكام، أخذ يبين توابعها فقال:
تَوَابِعُ الأَحْكَامِ
  ٤٠ - وَكُلُّ مَا وَافَقَ أَمْرَ الشَّارِعِ ... فَإِنَّهُ الصَّحِيْحُ عِنْدَ السَّامِع
  ٤١ - ثُمَّ نَقِيْضُ الصِّحَةِ البُطْلانُ ... كَمَا قَضَى بِذَلِكَ الأَعْيَانُ
  الصحيحُ: ما وافقَ أمْرَ الشارع، والباطلُ: نقيضُهُ سواءٌ كان في العبادات أو في المعاملات، هذا عند جمهور المتكلمين، وعند بعض المتكلمين والفقهاء: أن الصحيح في العبادات: الفعلُ المسقط للقضاء، وفي المعاملات: ترتب ثمراتها عليها المقصودة منها، فإذا صح العقد مثلًا،
(١) العتق أو الإطعام أو الصوم والله أعلم.