فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

فصل في الدليل

صفحة 66 - الجزء 1

  الإطعام في كفارة الظهار عند عدم إمكان الرقبة والصوم فإنه الواجب ابتداءً، وقوله: مَعَ بَقَاءِ مُقتضى التحريمِ: أي تحريم الفعل أو الترك، أي مع بقاء دليلهِ معمولًا بهِ، وكذا المخصوص مِنَ الْعُمُومِ، لأن التخصيص مبين عدم تناول العام له حقيقة، بل ظاهرًا فهو كالحكم ابتداءً، واعترض هذا الحد بتحريم الصلاة والصوم على الحائض لصدقه⁣(⁣١) عليه وليس منها فلا يكون مانعًا. وَأُجِيْبَ: بأن الحيض لا يسمى عذرًا، والعذر الذي شُرعت لأجله الرخصة: إما دفع مشقة أو تلف أو حاجة، وترك الحايض للصلاة والصوم لا يدفع شيئًا من ذلك.

  واعلم أن الرخصة قد تكون واجبة: كما مثل به الناظم من أكل الميتة للمضطر، ومندوبةً: كصوم المسافر إن لم يضره الصوم، ومكروهةً: كإفطار المسافر إن استوى عنده الأمران، ومباحةً: كالعرايا والسَّلمَ⁣(⁣٢) وسببُها قد يكون كذلك، ومحظورًا، وفعلًا لِلَّهِ وللعبد كسفر حج الفرض أو النفل أو التجارة أو حرب الإمام، وتسويغ من غُصَّ بطحال بالخمر حيث لم يجد غيره، وكالمرض، والعزيمة في اللغة: الجد في الأمر والقطع عليه، واصطلاحًا: بخلاف الرخصة فهي: ما شرع من الفعل أو الترك لا لعذر مع بقاء مقتضى التحريم وذلك ظاهر. واعلم أن الحكم غير منحصر في العزيمة والرخصة؛ لخروج المندوب والمكروه والمباح.

فَصْلٌ في الدَّلِيْلِ

  ٥٣ - وَإِنْ تُرِدْ معرفةَ الدَّليلِ ... بِغَيْرِ إيْجَازٍ ولَا تَطْوِيْل

  ٥٤ - فإنَّهُ مَا يُمْكِنُ التوصلُ ... بالنظرِ الصَّحِيْحِ حيثُ يَحْصُلُ

  ٥٥ - فِيهِ إلى العلمِ فأمَّا المُوصِلُ ... لِلْظَنِّ فَالأمَارَةُ لَا تُجْهَلُ

  الدليل لغة: فَعِيْلٌ بمعنى فاعل من الدلالة، ويطلق على المرشد وهو الناصب لما يرشد به كالقرآن والذاكر له كالنبي ÷ وعلى ما به الإرشاد؛ وهو يحتمل المعاني الثلاثة، فإن ما به الإرشاد يقال: له: المرشد مجازًا؛ فيقال: الدليل على الصانع هو الصانع⁣(⁣٣)، أو العالِم⁣(⁣٤) أو


(١) أي الحد. تمت مؤلف.

(٢) العرايا: العطايا على غير العوض. أصول الأحكام ٢/ ٤٤. والسلم: هو تعجيل أحد البدلين، وتأجيل آخر على جهة اللزوم مع شروط مخصوصة. هداية الأفكار إلى معاني الأزهار ١/ ١٥٤.

(٣) المرشد تمت مؤلف

(٤) الذاكر تمت مؤلف