فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

حد الدليل عند أهل المنطق

صفحة 67 - الجزء 1

  العَالَم⁣(⁣١) بالفتح، وفي اصطلاح الأصوليين ما أشار إليه الناظم بقوله: فإنَّهُ ... إلخ، وقوله: مَا يُمْكِنُ التوصلُ: إنما قيده بالإمكان لإدخال ما لم ينظر فيه، فإن الدليل لا يخرج عن كونه دليلًا بأن لا ينظر فيه أصلًا؛ وقيد النظر بالصحيح: وهو المشتمل على شرائطه؛ مادة، وصورة، لإخراج النظر الفاسد، لأنه لا يمكن التوصل به⁣(⁣٢) إلى العلم؛ إذ ليس هو في نفسه سببًا للوصول وَلَا آلَةً لَهُ، وإن أدى إليه نادرًا فاتفاقي، كقولنا: هذا الجدار إنسان، وكل إنسان جسم فينتج أن هذا الجدار جسم، وَهِيَ نتيجة صحيحة لكن مادته فاسدة، ومثال فساد الصورة: ألاَّ تكمل فيه شرائط المقدمتين كما لو رُكِّبَ من الشكل الأول:

  قولنا: لا شيء من الإنسان بحجر، وكل حجر جسم، فهذا مختل من جهة الصورة؛ لعدم إيجاب الصغرى الذي هو شرط في الشكل الأول، ومادة المركب: مفرداته، وصورته: هيئته، فمتى كانت المادة صحيحةً، والصورة صحيحةً، كان النظر فيها صحيحًا موصلًا إلى العلم بالمطلوب؛ وبعض الأصوليين يحده: بأنه ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوبٍ خبريٍّ؛ وتقييده بالخبري: لإخراج القول الشارح، ولو قيد المطلوب بالتصوري: لكان المطلوب حدا للقول الشارح ولو جرد⁣(⁣٣) لكان للمشترك بينهما؛ أيْ بين الدليل وبين القول الشارح - أعني الموصل إلى المجهول - وهذا التعريف يتناول القطعي والظني، بخلاف ما ذكره الناظم، وقوله: وأما الموصلُ ... إلخ؛ أشار به إلى أن ما يلزم عنه الظن يسمى أمارةً ولا يسمى دليلًا؛ وجعْلُ ما يحصل عن الأمارة لازمًا من قبل المجاز؛ إذ ليس بين الظن وبين شيء ربط عقلي؛ لانتفاء الظن مع بقاء سببه: كما إذا غيم الهواء فحصل الظن بحصول المطر ولم يمطر فانتفى الظن مع بقاء سببه وهو الغيم.

حَدُّ الدَّلِيْلِ عِنْدَ أَهْلِ المَنْطِقِ

  وأشار إلى حد الدليل عند المناطقة بقوله:

  ٥٦ - وقيلَ إِنَّهُ الذي تَرَكَّبا ... من القَضِيَّتَيْنِ حيثُ رُتِّبَا

  ٥٧ - لِكي يُؤَدّيْكَ إلى مَجْهُولِ ... فاحرصْ على مَعرفةِ الدليل


(١) ما به الإشارة تمت مؤلف

(٢) أي بالنظر الفاسد تمت مؤلف

(٣) أي الخبري تمت مؤلف