حد العلم والدليل وتعريف العقل والنفس عند أهل المنطق
  الصورية والفاعلية؛ إذ التركيب يستلزم المركَّبَ بالفتح والمركِّبَ بالكسر والأول: الصورية، والثاني: الفاعلية، وهو هنا: القوة العاقلة، وقوله: من القَضِيَّتَيْنِ: إلى المادية، وتمامه إلى الغائية: كتركيب(١) السرير(٢) من الخشب(٣) للجلوس عليه(٤) سواء(٥)، إلا أن القول بالمادة والصورة هنا على سبيل النسبة لأنهما إنما يكونان للأجسام، وهذا التعريف شامل للقطعي، والظني، والصحيح، والفاسد، فهو أعم من وجه مِنْ حَدَّيْ الأصوليين؛ لصدقه على الفاسد؛ وصدقهما على المفرد الذي من شأنه إذا نظر فيه نفسه أوصل إلى المطلوب كالعَالَِمَ بالكسر والفتح.
  ولما فرغ من بيان الدليل أشار إلى حَدِّ العِلْمِ المذكُوْرِ في حد الدليل فقال:
حَدُّ العِلْمِ والدَّلِيْلُ وَتَعْرِيْفُ العَقْلِ وَالنَّفْسِ عِنْدَ أَهْلِ المَنْطِقِ
  ٥٨ - والعلمُ إِنْ كان هُوَ الإِذعانُ ... بِنِسْبةٍ كجاءَني عُثمانُ
  ٥٩ - فإنَّهُ التَّصْدِيْقُ والتَصوُّرُ ... خِلافُهُ فاحْرِصْ على ما يُؤْثَرُ
  العلمُ: هو الصورة الحاصلة من الشيء في العقل أو عنده والمراد بالصورة: المثال، وبالعقل: النفس الناطقة التي يشير إليها كل أحد بقوله: أنا، قال صاحب الغاية [ص ٦٤ - ٧٠]: (اعلم أن العلم ليس حاصلًا قبل حصول الصورة في الذهن بديهة، واتفاقًا، والحاصل معه أمور ثلاثة، الصورة الحاصلة، وقبول الذهن لها، وإضافة مخصوصة بين العالِم والمعلوم، فذهب بعضٌ إلى أن العلم هو الأول، فيكون من مقولة الكيف، وبعضٌ إلى أنه الثاني فيكون مِنْ مقولة الانفعال، وبعض إلى أنه الثالث فيكون من مقولة الإضافة، والتعريف مبني على الأول وهو مبني على القول بالوجود الذهني، وليس هذا موضع الكلام فيه، والتعريف شامل للصورة المطابقة وغيرها والكليات والجزئيات لقولنا: في العقل أو عنده وكلمة: أو لبيان نوعي المعرف فلا تخل بالحد، إنما تخل به لو كانت للتشكيك؛ لمنافاته التعريف، وهذا بناء على أن مدرك الكليات
(١) فاعلية.
(٢) صورية.
(٣) مادية.
(٤) غائية.
(٥) كالسرير مادته الخشب وصورته الانسطاح أي هيئته التي هو عليها وفاعليته النجار وغايته الإضطجاع عليه تمت مؤلف