التصور والتصديق والضروريات وأقسامها
  المعروفة كما سيأتي في تعريف القوة النظرية.
التَّصَوُّرُ والتَّصْدِيْقُ وَالضَّرُوْرِيَّاتُ وَأَقْسَامُهَا
  والحاصل أن التصور ينقسم قسمين: ضروري، واكتسابي، والتصديق كذلك، والضروريات، ستٌّ؛ أولها: الأوَلِيَّات وهي: القضايا التي يحكم فيها العقل بمجرد تصور الطرفين بلا توقف على شيء أصلًا، كقولنا: الواحد نصف الإثنين، والكل أعظم من الجزء، والثانية: المشاهدات وهي: قضايا يحكم بها الِحسُّ، فإن كان الحس الظاهر وهو البصر، والسمع، والشم، والذوق، واللمس، سُمِّيَتْ: حسيات، كالحكم بأن الشمس مضيئة، وإن كان بالحس الباطن سميت وجدانيات، كالحكم بأن لنا خوفًا وغضبًا وجوعًا وعطشًا ومرضًا وصحةً، إلى غير ذلك مما يدرك بالوجدان الباطني، والثالثة: التجريبيات وسماها الشيخ الرئيس(١) المحسوسات، لتكررها في إحساسنا وهي: أمورٌ أوقع التصديق بها الحس شركة من القياس، وذلك أنه إذا تكرر في إحساسنا وجود الشيء للشيء مثل الإسهال لِلْسَّقْمُوْنِيَا(٢)؛ والحركات الموجودة للسماويات؛ تكرر ذلك مِنَّا في الذِّكْرِ وإذا تكرر ذلك منا في الذكر حدث مِنْهُ تجزئة بسبب قياس اقترن بالذكر وهو أنه لو كان هذا الأمر كالإسهال مثلًا عن الْسَّقْمُوْنِيَا اتفاقيًّا عَرَضِيًّا لا عن مقتضى طبيعة، لكان لا يكون في أكثر الأمر من غير اختلاف حتى إنه إذا لم يوجد ذلك استَدْرتِ النفس الواقعة فطلبت شيئًا لما عرض من أن لم يوجد، وإذا اجتمع هذا الإحساس وهذا الذكر أذعنت النفس بسبب ذلك التصديق، فإن الْسَّقْمُوْنِيَا من شأنها إذا شربت أن تسهل صاحبها.
  فائدة: السَّقْمُوْنِيا حبة الفيل كما في كتب الطب وَهِيَ بفتح السين مشددة وإسكان القاف وميم مضمومة، بعدها واوٌ ساكنة، بعدها نُونٌ مكسورةٌ، بعدها ياء تحتانِيَةٌ بثنتين بعدها أَلِفٌ، الرابعة: الحدسيات وَهِيَ منسوبة إلى الحدس: والحدس حركة إلى إصابة الحد الأوسط إذا وضع المطلوب أو إصابة الحد الأكبر إذا أصيب الأوسط، وبالجملة سرعة انتقال من معلوم إلى مجهول كمن رأى نور القمر يزداد قليلًا قليلًا من الجانب المقابل
(١) ابن سيناء، توفي سنة ٤٢٨ هـ. الأعلام للزركلي ٢/ ٢٤١.
(٢) هي شَرْبَةُ السَّنَاءِ المعروفة، تستعمل لتليين المعدة.