فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

حد النظر عند الأصوليين وأهل المنطق

صفحة 73 - الجزء 1

  للشمس فيحدس أنه يستفاد من نور الشمس، الخامسةُ: المتواترات، وَهِيَ ما يحكم فيها العقل بواسطة السماع عن جمع لا يمكن تواطؤهم على الكذب نحو: أن محمدًا ÷ نبيٌّ، وأن مكةَ موجودةٌ، السَّادِسَةُ: الفطريات، وَهِيَ القضايا التي يحكم فيها العقل لا بمجرد تصور الطرفين، بل بواسطة؛ لكنها تكون عند هذه القضايا لا تغيب عن الذهن عند تصورها، كقولنا: الأربعة زَوْجٌ، فإن من تَصَوَّرَ الطرفين اللذينِ هما الأربعة والزوج وتصور الانقسام بمتساويين معها في حال الحكم حَكَمَ بأن الأربعة زوجٌ، وهذه تسمى قضايا قياساتها معها، فهذه الست هي التي يقع التصور والتصديق بها، بلا واسطة. ثم أشار إلى حد النظر عند الأصوليين فقال:

حَدُّ النَّظَرِ عِنْدَ الأُصُوْلِيِّيْنَ وَأَهْلِ المَنْطِقِ

  ٦٢ - والنَّظَرُ الفِكْرُ الذي بِهِ طُلِبْ ... عِلْمًا وظنًّا فتأمَّلْهُ تُصِبْ

  أي أن النظر عند أهل الأصول: هو الفكر المطلوب به علم أو ظن؛ والفكر: توجه النفس نحو: الأمر المعلوم لتحصيل أمر غير معلوم، وعند المناطقة؛ أنه: ملاحظة المعقول لتحصيل المجهول، والمراد بالمعقول: المعلوم، وهو: الحاصل في العقل تصورًا كان أو تصديقًا، مفردًا أو مركبًا، لتحصيل المجهول تصوريًا كان أو تصديقيًا، كملاحظة الحيوان، والناطق المعلومين لتحصيل الإنسان المجهول، وكملاحظة المقدمتين المعلومتين، كقولنا: العالَم متغير وكل متغير حادث لتحصيل النتيجة المجهولة وَهِيَ قولنا: العَالمَ حادث، وهذا التعريف شمل القطعي، والظني كما تقول: هذا الحائط ينتثر مِنْهُ التراب، وكل حائط ينتثر مِنْهُ التراب يهدم، فهذا قياس ظني ينتج: قولنا: هذا الحائط يهدم، والقياس الظني ما تكون إحدى مقدمتيه أو كلتاهما مشتملة على الظن بخلاف اليقيني.

  فإن قيل: المجهول لا يطلب؟ لعدم الشعور به؟ قلتُ: ليس المراد به هنا الجهل المطلق، بل لا بد أن يكون معلوما من وجه مجهولًا من وجه آخر، وقد حققنا ذلك سابقًا فلا نطيل بذكره. قوله:

الظَّنُ وَالوَهْمُ وَالاعْتِقَادُ وَالشَّكُ وَالسَّهْوُ وَالنِّسْيَانُ

  ٦٣ - والظنُّ تجويزٌ لِراجِحٍ كَمَا ... تَجْوِيزُ مَرْجُوْحٍ غَدَا تَوهُّمَا