فصل في السنة وأقسامها
فَصْلٌ فِيْ السُنَّةِ وَأقْسَامِها
  ٧٩ - وثانيَ الأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّهْ ... السُنَّةُ الطَّاهِرَةُ السَّنِيَّهْ
  ٨٠ - قولُ النبيِّ المُصْطَفَى البَشِيْرِ ... والفعلُ والتَّرْكُ مَعَ التَّقْرِير
  أشار الناظم غفر الله له إلى الدليل الثاني من الأدلة الشرعية وهو السنة النبوية على صاحبها وآله أفضل الصلاة والسلام، وَهِيَ لغةً: العادة والطريقة، قال تعالى: {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ}[آل عمران: ١٣٧]. وقال الشاعر:
  فَلَا تَجْزَعَنْ مِنْ سُنَّةٍ أَنْتَ سِرْتَهَا ... فَأَوَّلُ رَاضٍ سُنَّةً مَنْ يَسِيْرُهَا(١)
  وَاصْطِلَاحًا: ما أشار إليه الناظم بقوله: قول النبي ... إلخ: والألف واللام في الفعل وما بعده عوضٌ عن المضاف إليه: أي وفعله ... إلخ، فهي: أعم من الحكم السابق؛ لأنها تشمل الواجب والمندوب والحرام والمكروه، وَأمَّا ما ذكره الشارح أنها اصطلاحًا: ما تقدم في الحكم ففيه نظر. ثُمَّ أشار إلى أقسام السنة بقوله:
  ٨١ - فَالقَوْلُ ظاهرٌ بِلَا إِنْكَارِ ... والحُكْمُ فِيْ الفِعْلِ عَلَى المُخْتَار
  ٨٢ - القولُ بالْوُجُوْبِ في التَّأسِّيْ ... فِيْ كُلِّ فِعْلِهِ بِغْيْرِ لَبْس
  ٨٣ - إِلَّا إِذَا مَا كَانَ فِيْ الْجِبِلَّهْ ... أوْ خُصَّ حَسْبَ وَاضِحِ الأَدِلَّهْ
  أي أن القول حكمه ظاهر ومباحثه: الأمر والنهي والعموم والخصوص والإطلاق والتقييد ونحوها وهو أقواها، أَيْ: أقوى أقسام السنة لاستقلاله في الدلالة على تعدي حكمه إلينا، فلا يحتاج فيها إلى غيره ولعمومه لدلالته على الموجود والمعدوم والمعقول والمحسوس، ولأن العمل به: يبطل مقتضى الفعل في حق الأمة فقط، دون النبي ÷، فيمكن الجمع بينهما بأن الفعل خاص به دوننا؛ فنكون قد أخذنا بهما معًا، وشروط الاستدلال به في الجملة شروط الاستدلال بالكتاب العزيز، وَعِلْمُ المستدل بأنه ÷ لا يكتم ما أمر بتبليغه، ولا يحرفه بأن يزيد فيه قيدًا يخرجه عن ظاهره ولا يبدله بغيره لأنَّ تجويز ذلك يسد علينا باب الثقة بخطابه ÷ وذلك محال؛ وأمَّا حكم أقواله ÷ المتعلقة بالغير فإذا قضى ÷ على الغير بحقٍّ أو مالٍ؛ دَلَّ
(١) جمهرة اللغة ١/ ٣٩٤ وتهذيب اللغة ٤/ ٣١٣ وتاج العروس ١/ ٨٠٧٤، ١/ ٢٩٨١، والصحاح في اللغة للجوهري ١/ ٣٣٤، وأساس البلاغة للزمخشري ١/ ٢٣٣، ومجمع الأمثال ٢/ ٢٤٧، والأغاني ١٦/ ٤٨، وتفسير الطبري ١٢/ ٣٥٠.