خبر الآحاد وأقسامه
  الاحتياج، وَإِلَّا لَزِمَ في كل ضروري، لأنك إذا قلت: الأربعة زوج، فلك أن تقول: لأنه منقسم بمتساويين، وكل منقسم بمتساويين زوج، وإذا قلت: الكل أعظم من الجزء فلك أن تقول: لأن الكل مركب مِنْهُ ومن غيره، والمركب من الجزء ومن غيره أعظم من الجزء، فالكل أعظم من الجزء، وأما بقية الشروط فلا حاجة إليها ولا وجه لها، بَلْ السر ما ذكرنا من إفادته العلم الضروري فقط، قوله:
  ١٠٤ - وَأَنَّهُ يَحْصُلُ في المُخْتَارِ ... بخبرِ الفُسَّاقِ والكُفَّار
  ١٠٥ - وَقَدْ يَكُوْنُ حاصلًا بالمعنَى ... حَتَّى تَرَاهُ خَارِجًا وَذِهْنَا
  اعلم أنه يحصل العلم بخبر الفساق والكفار والصبيان والنساء ونحوهم، وقد يتواتر المعنى دون اللفظ كما أشار إليه الناظم، ومعنى تَرَاهُ: تعلمه، وذلك كما في شجاعة الإمام علي # فإن الأخبار بوقعاته في حروبه من أنه فعل في بدرٍ كذا، وقتل يوم أُحُدٍ كذا، وهزم يوم حنينٍ كذا، ونحو ذلك؛ يدل بالالتزام على شجاعته #؛ وذلك لأن الشجاعة من الملكات النفسانية فيمتنع أن تكونَ(١) نفسَ الهزمِ المحسوسِ أو جزءَه، وإنما هي لازمة لجزئيات الهزم والقتل في الوقائع الكثيرة، وكما في جود حاتم الطائي.
خبرُ الآحاد وأقسامُهُ
  ثم أشار إلى القسم الثاني بقوله:
  ١٠٦ - وخبرُ الآحَادِ إِمَّا مُرْسَلُ ... أَوْ مُسْنَدٌ إِسْنَادُهُ مُتَّصِلُ
  ١٠٧ - ولا يفيدُهُ سِوى الظنِّ بِمَا ... يَحْصُلُ مِنْ مَعْنَاهُ حَيْثُ فُهِمَا
  اعلم أن الآحاد: ما لا يفيد بنفسه العلم سواءً نقله واحد أو جماعة، وهو الذي يُحتاجُ إلى البحث الطويل عن رجاله، لكونه لا يفيد إلا الظن بمدلوله وهو ينقسم قسمين: إِمَّا مرسل: «وهو مأخوذ من الإرسال وهو الإطلاق كأنَّ المرْسِلَ أطلقَ الإسنادَ ولم يقيده بجميع رواته» وهو أن يقول التابعي كبيرًا كان أو صغيرًا: قال رسول الله ÷ كذا، أو فعل كذا، أو فعل بحضرته كذا أو نحو ذلك، وهو عند أئمتنا $ والجمهور: ما سقط
(١) أي الشجاعة.