تفسير القاضي عبد الجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

ب - الرازي والقاضي عبد الجبار:

صفحة 45 - الجزء 1

  سورة الإسراء⁣(⁣١)، وهي متأخرة عن الأنفال بسور عديدة.

  وكذلك في شهر جمادى الثاني، الذي يأتي بعد عدة شهور من محرم، فبدلا من أن يبدأ الرازي بتفسير سورة التوبة التي تلي سورة الأنفال، نجد الرازي يبدأ بتفسير سورة النحل⁣(⁣٢)، بل يلاحظ أن سورتي الأنفال والتوبة، المفروض تفسيرهما في شهر محرم، قد فسرهما في شهر رمضان⁣(⁣٣)، متجاوزا بذلك الترتيب القرآني للسور، وكأن الرازي كان ينتخب السور ويبدأ بتفسيرها دون أي التزام بالترتيب المشهور لها، ولا مشاحة في ذلك، إلّا أنه لم يلتزم بالترتيب السوري للقرآن.

  والملفت، أن في شهر رجب من سنة ٦٠١ هـ، توفي للرازي ولده (محمد)، ويصف الرازي حالته «بأنه كان ضيق الصدر، كثير الحزن، بسبب وفاة الولد الصالح (محمد) أفاض اللّه على روحه وجسده أنواء المغفرة والرحمة»⁣(⁣٤). وبعد ذلك يلتمس الرازي من كل من قرأ كتابه، وانتفع به أن يخصّ ذلك المسكين (أي ولده)، وهذا المسكين (أي هو) بالهدى والرحمة والمغفرة»⁣(⁣٥).

  وبناء عليه، يكون الرازي في سنة (٦٠١ هـ) قد فسّر قبل وفاة ولده سورة الإسراء في بلدة غزنين⁣(⁣٦)، وسورة النحل⁣(⁣٧)، وبعد حزنه على ولده وفي


(١) الرازي: التفسير الكبير ج ٢١/ ٦١.

(٢) م. ن، ٢٠/ ١١٥.

(٣) م. ن، ١٥/ ١٧٠ و ١٧١، وأيضا ج ١٦/ ١٨٩.

(٤) الرازي: التفسير الكبير ج ١٧/ ١٤١.

(٥) م. ن.

(٦) م. ن، ج ٢١/ ١٦.

(٧) م. ن، ج ٢٠/ ١١٥.