ب - الرازي والقاضي عبد الجبار:
  اليسير على الرازي أن يقوم بتفسيرها، وخصوصا أنه قد فسّر في السنتين السابقتين لها (أي سنة ٦٠٢ و ٦٠٣) ما يقارب ٢٤٨٢ آية، بالرغم من حزنه الكبير، وضيق صدره، على وفاة ولده (محمد)، وقرب العهد بوفاته، استطاع الرازي أن يفسّر هذا العدد الكبير من الآيات، فلذلك، وبعد أن تطاول الحزن، وبعد عن الرازي لمرور السنين (من سنة ٦٠١ هـ إلى سنة ٦٠٤ هـ)، ولأن العمر قد ناهز على الستين، فكان لا بدّ على الرازي أن يجدّ في العمل لإنهاء ما بدأ به من تفسير، وذلك خوفا من أن ينقضي العمر ولا يتم المأمول والمشروع به.
  ومهما يكن، فلنترك هذا الجانب من تفسير الرازي، ولنعد إلى ما هو نحن في صدده من موقف الرازي من تفسير القاضي ونقوداته عليه.
  استعان الرازي كثيرا بتفسير القاضي، ونادرا ما تمرّ سورة ولا يورد الرازي رأيا، أو تفسيرا، أو تأويلا للقاضي في إحدى آياتها، فلذلك، زادت نقولات الرازي عن القاضي ما يقارب (٣٧٠) مرة، بل نستطيع القول إنه لولا نقولات الرازي عن تفسير القاضي، لجهلنا حكما تأويلات وآراء القاضي في تفسيره.
  وصرّح الرازي ما يقارب (١٥ مرة) باسم تفسير القاضي، والنقل عنه(١)، فيورد مثلا عبارة «قال القاضي في التفسير»(٢)، أو «روى القاضي في تفسيره عن ابن ماجة، عن علي #»(٣)، أو «رواه القاضي في تفسيره عن هشام، عن سعيد بن جبير»(٤)، أو (روى القاضي في تفسيره عن أبي مخلد أن الحسن بن
(١) الرازي: التفسير الكبير، ج ٤/ ٢٠٦؛ ج ١٠/ ٧٨؛ ج ١٦/ ١٨١ و ١٨٢ و ٢٢٢، ج ٢٠/ ٨٦ و ١٠١؛ ج ٢١/ ١٣٦ و ١٨٩؛ ج ٢٤/ ١٦٢؛ ج ٢٧/ ٢٠٠؛ ج ٢١/ ١٨٩؛ ج ٢٨/ ١٧ (طبعة دار الكتب العلمية).
(٢) م. ن، ج ٢٠/ ٨٦.
(٣) الرازي: التفسير الكبير ج ٢٠/ ١٠١.
(٤) م. ن، ج ٢١/ ١٣٦.