تفسير القاضي عبد الجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[6] - قوله تعالى: {ويقولون لو لا أنزل عليه آية من ربه فقل إنما الغيب لله فانتظروا إني معكم من المنتظرين 20}

صفحة 225 - الجزء 1

  مكذبين بالحشر والنشر، منكرين للبعث والقيامة، ثم في تقرير حسن هذه الاستعارة وجوه: ... الثاني: قال القاضي: الرجاء لا يستعمل إلّا في المنافع، لكنه قد يدل على المضار من بعض الوجوه، لأن من لا يرجو لقاء ما وعد ربه من الثواب، وهو القصد بالتكليف، لا يخاف أيضا ما يوعده به من العقاب، فصار ذلك كناية عن جحدهم للبعث والنشور⁣(⁣١).

[٦] - قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ ٢٠}

  النظم: اتصلت الآية الأولى بما تقدمها من قولهم {لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ} فبين سبحانه أنه بشر كما أن الرسل الذين كانوا قبله كانوا بشرا، والبشر لا يقدر على الآيات، بل إنما يأتي سبحانه بها إذا اقتضت المصلحة ذلك، عن أبي مسلم. وقيل: انه لما تقدم ذكر إرساله، بين سبحانه أنه أرسل قبله بشرا، كما أرسله، فحاله مثل حالهم، عن القاضي⁣(⁣٢).

[٧] - قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِها جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ وَجاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ٢٢}

  قال الجبّائي: أما كونه تعالى مسيرا لهم في البحر على الحقيقة فالأمر كذلك. وأما سيرهم في البر فإنما أضيف إلى اللّه تعالى على التوسع. فما كان منه طاعة فبأمره وتسهيله، وما كان منه معصية فلأنه تعالى هو الذي أقدره


(١) م. ن ج ١٧/ ٥٦.

(٢) الطبرسي: مجمع البيان ج ٦/ ٥١.