تفسير القاضي عبد الجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[4] - قوله تعالى: {ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون 14 لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون 15}

صفحة 253 - الجزء 1

  كفره ويعاند، فلا يصحّ إضافته إلى اللّه تعالى⁣(⁣١).

[٤] - قوله تعالى: {وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ ١٤ لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ ١٥}

  أجاب القاضي عنه⁣(⁣٢)، بأنه تعالى ما وصفهم بالشك فيما يبصرون، وإنما وصفهم بأنهم يقولون هذا القول، وقد يجوز أن يقدم الإنسان على الكذب على سبيل العناد والمكابرة، ثم سأل نفسه وقال: أفيصحّ من الجمع العظيم، أن يظهروا الشك في المشاهدات؟ وأجاب: بأنه يصحّ ذلك إذا جمعهم عليه غرض صحيح معتبر من مواطأة على دفع حجّة أو غلبة خصم، وأيضا فهذه الحكاية إنما وقعت عن قوم مخصوصين، سألوا الرسول إنزال الملائكة، وهذا السؤال ما كان إلّا من رؤساء القوم، وكانوا قليلي العدد وإقدام العدد القليل عى ما يجري مجرى المكابرة جائز⁣(⁣٣).

[٥] - قوله تعالى: {وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ ١٩}

  اختلفوا في المراد بالموزون وفيه وجوه:

  الوجه الأول: أن يكون المراد أنه متقدر بقدر الحاجة، قال القاضي: وهذا الوجه أقرب، لأنه تعالى يعلم المقدار الذي يحتاج إليه الناس وينتفعون به، فينبت تعالى في الأرض ذلك المقدار، ولذلك اتبعه بقوله: {وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ}


(١) م. ن، ج ١٩/ ١٣١.

(٢) ما أجاب عنه القاضي هو: فإن قيل: كيف يجوز من الجماعة العظيمة أن يصيروا شاكين في وجود ما يشاهدونه بالعين السليمة في النهار الواضح، ولو جاز حصول الشك في ذلك كانت السفسطة لازمة، ولا يبقى حينئذ اعتماد على الحسن والمشاهدة.

راجع: الرازي في التفسير الكبير ج ١٩/ ١٣٢ (طبعة دار الكتب العلمية).

(٣) الرازي: التفسير الكبير ج ١٩/ ١٣٢ (طبعة دار الكتب العلمية).