الروض الباسم في فقه الإمام القاسم،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

(184) مسألة: معرفة فرائض الله وأحكامه

صفحة 207 - الجزء 1

  وقال تبارك وتعالى لموسى فيها قبل وصيته لعيسى ª، والحمد لله على ما جعل من الرسالة فيهما: {وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ لِذِكۡرِيٓ ١٤ إِنَّ ٱلسَّاعَةَ ءَاتِيَةٌ أَكَادُ أُخۡفِيهَا}⁣[طه: ١٤ - ١٥]. فأخبر سبحانه بما جعل من ذكره بها وفيها، وإنما الذكر يقول من أجل ما فيها، من إجلال أمري وما يكون من القيام لها وإليها، من خواطر ذكري وإجلالي فيها، كما يقال: فعلتُ ذلك لذلك، كذلك فُرضت الصلاة لما قلنا من هذا، وكان ما قلنا من علل ما جعلت له الصلاة فرضاً، ما يقول سبحانه لرسوله ÷: {وَأۡمُرۡ أَهۡلَكَ بِٱلصَّلَوٰةِ وَٱصۡطَبِرۡ عَلَيۡهَاۖ لَا نَسۡـَٔلُكَ رِزۡقٗاۖ نَّحۡنُ نَرۡزُقُكَۗ وَٱلۡعَٰقِبَةُ لِلتَّقۡوَىٰ ١٣٢}⁣[طه: ١٣٢]. فكفى بهذا في تعظيم الصلاة تبياناً ونورأ من كل ظلمة وغشوى، وكانت عند الله قربة من مُصلِّيها وطاعة ورضى.

  وفي الصلاة وأمره بها ما يقول مراراً كثيرة رب العالمين، لمن استجاب له بالإيمان من المؤمنين: {وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ ٥٦}⁣[النور: ٥٦]. وفيها وفي فرضها وتكريمها، وما ذكر من أمرها وتعظيمها، ما يقول سبحانه: {فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ فَإِخۡوَٰنُكُمۡ فِي ٱلدِّينِۗ وَنُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَعۡلَمُونَ ١١}⁣[التوبة: ١١]. فلم يعقد سبحانه الإخاء والولاء إلا بين من زكي وصلي.

  ومما يدل من فهم عن الله تبارك وتعالى على تعظيم قدر الصلاة ما قال العليم الحكيم: {فَإِذَا ٱنسَلَخَ ٱلۡأَشۡهُرُ ٱلۡحُرُمُ فَٱقۡتُلُواْ ٱلۡمُشۡرِكِينَ حَيۡثُ وَجَدتُّمُوهُمۡ وَخُذُوهُمۡ وَٱحۡصُرُوهُمۡ وَٱقۡعُدُواْ لَهُمۡ كُلَّ مَرۡصَدٖۚ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ ٥}⁣[التوبة: ٥]. فلم يُزِل