الروض الباسم في فقه الإمام القاسم،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

(229) مسألة: تسبيح الركوع والسجود

صفحة 232 - الجزء 1

  نفسها، وما جعله الله من ذكره بها: {فَإِذَا قَضَيۡتُمُ ٱلصَّلَوٰةَ فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ قِيَٰمٗا وَقُعُودٗا وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمۡۚ}⁣[النساء: ١٠٣]. فأمر سبحانه بذكره بعدها، كما أمر بذكره فيها ومعها. وقال سبحانه: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ ذِكۡرٗا كَثِيرٗا ٤١ وَسَبِّحُوهُ بُكۡرَةٗ وَأَصِيلًا ٤٢}⁣[الأحزاب: ٤١ - ٤٢]، فكفى بهذا وبغيره من أمثاله في كتاب الله على ما قلنا دليلاً، والحمد لله كثيراً، على مانوَّر من أموره تنويراً.

  فأما ما يذكر عن عمر من أنه كان يقول: سبحان ربي العظيم الأعلى، فلست أري - والله أسأل التوفيق - أن يُسبَّح به مَن صلي، لأنه قد يقول مثل هذا ويفعله من يجحد الإسلام ويعطله، ممن يثبت مع الله إلهاً آخر، وإلهين وأكثر، ثم يزعم أن الله لا شريك له أعظم وأكبر من الخلق من الشركاء، فيقول: ربي الأعظم الأعلى، هو الذي خلق الأرض والسماء وهو إلهنا الأكبر الذي لا يُرى، ولنا آلهة سواء أخرى، لا تخلق شيئاً ولا تنسى، كما يخلق ربنا الأعلى، وإنما نعبدهم معه، لنتقرب بعبادتهم عنده، وليكونوا شفعاء، في حياتنا هذه الدنيا، ولا يوقنون ببعث ولا حساب، ولا بمرجع إلى عقاب ولا ثواب، كما قال جل ثناؤه: {وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۚ}⁣[لقمان: ٢٥، الزمر: ٣٨]. وقال سبحانه لرسوله: {قُلۡ أَفَرَءَيۡتُم مَّا تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ إِنۡ أَرَادَنِيَ ٱللَّهُ بِضُرٍّ هَلۡ هُنَّ كَٰشِفَٰتُ ضُرِّهِۦٓ أَوۡ أَرَادَنِي بِرَحۡمَةٍ هَلۡ هُنَّ مُمۡسِكَٰتُ رَحۡمَتِهِۦۚ قُلۡ حَسۡبِيَ ٱللَّهُۖ عَلَيۡهِ يَتَوَكَّلُ ٱلۡمُتَوَكِّلُونَ ٣٨}⁣[الزمر: ٣٨]، وقال: {مَا نَعۡبُدُهُمۡ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلۡفَىٰٓ إِنَّ ٱللَّهَ يَحۡكُمُ بَيۡنَهُمۡ فِي مَا هُمۡ فِيهِ يَخۡتَلِفُونَۗ}⁣[الزمر: ٣](⁣١).


(١) مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم: ٢/ ٥٤٤ - ٥٤٦.