الروض الباسم في فقه الإمام القاسم،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

(242) مسألة: الصلاة في البيت الذي فيه تماثيل الناس والدواب

صفحة 243 - الجزء 1

  فإنها خلقت من الشياطين⁣(⁣١)، وما أعجب هذه الرواية مخالفةً لكتاب الله ø، فإن الله ø قال: {ثَمَٰنِيَةَ أَزۡوَٰجٖۖ مِّنَ ٱلضَّأۡنِ ٱثۡنَيۡنِ وَمِنَ ٱلۡمَعۡزِ ٱثۡنَيۡنِۗ} ... [الأنعام: ١٤٣] إلى آخر الآية⁣(⁣٢).


= ينجس الأرض أبعارها وأبوالها ولا ينجس الثياب من ذلك ما أصابها، وهم يزعمون أن الشمس تطهر ما وقعت عليه من الأرض ولا يقولون أنها تُطهِّر ما وقعت عليه من الثياب، فكيف تجوز الصلاة في الثوب الذي فيه أبوال الأنعام ولا تجوز في مبارك الإبل من الأودية والأكام، فهذا لعمر أبيهم قول يفسد قياسه، وبعدل عن الحق والإنصاف مقاله، وتنفيه عن الحق ثواقب العقول، ولا يجوز ذكره وإضافته إلى الرسول؛ لما فيه من الاختلاف، ولبعده عن الحق والإنصاف.

(١) الحديث أخرجه ابن ماجه في سننه: ١/ ٣١١، ٣١٢، واحمد في المسند: ٥/ ٤٤، وابن أبي شيبة في مصنفه: ١/ ٤٢١، ٨/ ٣٦٤، وأخرجه البيهقي في سننه: ٣/ ٤٨٠، وقال: قال الشافعي | في رواية أبي سعيد وفي قول النبي ÷: «لا تصلوا في أعطان الإبل فإنها جن من جن خلقت»، دليل على أنه إنما نهى عنها كما نال حين نام عن الصلاة: «اخرجوا بنا من هذا الوادي، فإنه واد به شيطان»، فكره أن يصلي قرب شيطان، وكذا كره أن يصلي قرب الإبل، لأنها خلقت من جن لا لنجاسة موضعها. وقال في الغنم: هي من دواب الجنة.

وأخرجه - أيضاً -. ابن حبان في صحيحه: ٤/ ٦٠٣، بلفظ: الخطاب، عن سعيد بن يسار، أنه قال: كنت أسير مع عبد الله بن عمر بطريق مكة، فلما خشيت الصبح، نزلت فأوترت، فقال: أليس لك في رسول الله ÷ أسوة؟ فقلت: بلى والله، قال: فإن رسول الله ÷ كان يوتر على البعير.

قال أبو حاتم ¥: لو كان الزجر عن الصلاة في أعطان الإبل لأجل انها خلقت من الشياطين، لم يصل ÷ على البعير، إذ محال ألا تجوز الصلاة في المواضع التي قد يكون فيها الشيطان، ثم تجوز الصلاة على الشيطان نفسه، بل معنى قوله ÷: «إنها خلقت من الشياطين» أراد به أن معها الشياطين على سبيل المجاورة والقرب.

(٢) الجامع الكافي: ٢/ ٧٦، كتاب الصلاة، مسألة رقم (٢٤٦).