(688) مسألة: في معنى قوله تعالى: {قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما}
  لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ ١٣٠}[ال عمران]، وقال سبحانه: {لَا تَأۡكُلُوٓاْ أَمۡوَٰلَكُم بَيۡنَكُم بِٱلۡبَٰطِلِ إِلَّآ أَن تَكُونَ تِجَٰرَةً عَن تَرَاضٖ مِّنكُمۡۚ وَلَا تَقۡتُلُوٓاْ أَنفُسَكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُمۡ رَحِيمٗا ٢٩ وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ عُدۡوَٰنٗا وَظُلۡمٗا فَسَوۡفَ نُصۡلِيهِ نَارٗاۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرًا ٣٠}[النساء]، فحرم الله هذا كله إذا كان المسلم ملكاً ومالاً، مواتاً كان أو حيواناً، ولم يحرم سبحانه على طاعم أن يطعمه من حيوان الأنعام، إلا ما ذكر الله في الآية ما خصه بالذكر من الحرام، فأحل سبحانه ذلك كله مستحلاً، ولم يحرم شيئاً منه تحريماً، فأحل ما حرم منه وفيه، لمن اضطر من المومنين إليه، وفي إجلاله لذالك وأفضاله، وما منَّ به فيه من جلاله، ما يقول سبحانه: {فَمَنِ ٱضۡطُرَّ غَيۡرَ بَاغٖ وَلَا عَادٖ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ ١٧٣}[البقرة]، وليست المغفرة هاهنا من ذنب، ولا عن حرام مرتكب، ولكنها مغفرة تخفيف، ورحمة فيما وضع من التكليف(١).
  وسئل الإمام القاسم # عن قوله: {لَيۡسَ عَلَى ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ جُنَاحٞ فِيمَا طَعِمُوٓاْ إِذَا مَا ٱتَّقَواْ} الآية [المائدة: ٩٣]؟
  فقال: يعني: إثما فيما أكل وطعم من طيبات الأطعمة، التي ليست عند الله بمحرمة، لأن من المؤمنين من كان يترك أكل بعض الطيبات زهادة في الدنيا، والتماساً في ذلك لما يحب الله ويرضى، ومن ذُكر بذلك عثمان بن مظعون، كان فيما بلغنا قد حرم على نفسه أكل اللحوم، فنهاه الله وغيره من المؤمنين عن تحريم ما لم يحرم من المطاعم الطيبة، وقال: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُحَرِّمُواْ طَيِّبَٰتِ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكُمۡ وَلَا تَعۡتَدُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ
(١) مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم: ٢/ ٦٢١ - ٦٢٢ رقم (٢٠٦).