باب صفة الحج
  مسألة: (ولا يزال كذلك حتى إذا أتى الكعبة طاف بها سبعةَ أشواط يبدأ بالحجرالأسود ويختم به؛ ويسعى منها في ثلاثة أشواط، ويمشي رويدا في الأربعة الباقية، ويدعو بما أحب. ويجزيه أن يقول: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}[البقرة: ٢٠١]). وهذا يسمى طوافَ القدوم(١). أما ابتداؤُه في طوافه بالحجرالأسود وختامُه به فيكون ذلك شوطاً فممَّا لا خلاف فيه بين المسلمين، وروي عن أمير المؤمنين # أنه قال: مناسك الحج أول ما يدخل مكة إذا رأى الكعبة يتمسح بالحجر الأسود ويكبرويذكراللهَ ويطوف، فإذا انتهى إلى الحجرالأسود فذلك شوط؛ فَلْيَطُفْ كذلك سبع مرات(٢)، وهذا لا يعرف إلا من جهة النبي ÷. وعن جابر أن رسول الله ÷ طاف في حجة الوداع سبعاً، يَرْمِلُ في ثلاثة، ويمشي في أربعة(٣). قلنا: ويدعو بما شاء؛ لقوله تعالى: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}[غافر: ٦٠]، وهذا الموضعُ من أليق المواضع بالدعاء. قلنا: ويجزيه من ذلك أَن يقولَ: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}[البقرة: ٢٠١]؛ لما روي عن النبي ÷ أنه كان يدعو بذلك(٤)؛ ولأنه جامع لخير الدنيا والآخرة، فكان أولي من غيره.
(١) عند الحنفية أنه سنة، وعند الشافعية مستحب.
(٢) المسند ص ٢٢٥ - ٢٢٦.
(٣) شرح التجريد ٢/ ١٨٣، والشفاء ٢/ ٣٧، وأبو داود رقم ١٨٩٣ بلفظ مقارب، وابن ماجه رقم ٢٩٢٠، ومسلم رقم ١٢١٨.
(٤) والشفاء ٢/ ٣٨، شرح التجريد ٢/ ١٨٣، وأصول الأحكام، ومسلم رقم ٢٦٩٠، وأبو داود رقم ١٨٩٢، وابن ماجه رقم ٢٩٥٧.