شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب ذكر محظورات الإحرام وتوابع ذلك

صفحة 136 - الجزء 1

  تعالى: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ}⁣[المائدة: ٩٥]، وذلك يقتضي وجوبَ الجزاء على المتعمد دون المخطئ، والجزاءُ المماثل هو ما كان مِثْلاً للصيد في الخِلْقَةِ؛ كالبدنة التي تماثل النَّعَامة، والبقرة التي تماثل بقرة الوحش، والشاة التي تماثل الظبي، وعلى هذا النحو يجري الكلام في المماثلة على ما قد ورد ذلك عن الصحابة ¤.

  مسألة: (وإذا كان الصيدُلا مِثْلَ له وجبت فيه القيمةُ، إلا الحَمَامَ ففيه شاةٌ)؛ وذلك لأنه لما وجب عليه جزاءُ ما جناه ولم يكن لما جنى عليه مِثْلٌ في الصورة لزمته القيمة التي هي مِثْلٌ في المعنى. فأما الحمام فإنما قلنا: فيه شاة؛ لأن ذلك ورد عن جماعة من فضلاء الصحابة كَعُمَرَ وعثمان وابن عباس⁣(⁣١) وهم من أهل العدل الذين أُمِرْنَا بقبول قولهم في جزاء الصيد؛ لقوله تعالى: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ}⁣[المائدة: ٩٥].

  مسألة: (فإن أَكَلَ المحرمُ لحمَ صيدٍ في الحرم فعليه قيمةُ ما أكل، وفديةٌ من صيام أو صدقة أو نسك كما تقدم). أما القيمة فلأنه استهلك ما مُنِع من استهلاكِه لحرمة الحرم فوجب أن يضمن قيمتَه كصيد الحرم. وأما الفدية فلأنه انتفع بما مَنَع الإحرامُ من الانتفاع به، فلزمته الفدية كما لو تطيب أو لبس المخيط، فإنْ أكَلَهُ المحرم في غير الحرم فعليه الفدية؛ لأنه ارتكب ما منع منه الإحرام. والفدية هي ذبح شاة، أو صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين على ما تقدم بيانه.


(١) شرح التجريد ٢/ ٢٣٨، والشفاء ٢/ ١١٩، والاعتصام ٣/ ١٤٨، والبيهقي ٥/ ٢٠٥.