شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب ما يحرم من النكاح وما يحل

صفحة 150 - الجزء 1

  وهذا نصٌّ صريحٌ في تحريم من ذكرناه، ومن عداهنَّ من ذوات الأنساب مقيسٌ عليهنَّ بِعِلَّةِ أن كلَّ واحدةٍ منهما لو كانت ذكراً لم يَحِل التناكُحُ بينهما، وتحريم الجمع بينهما إذا كان بينهما رضاع؛ لما قدَّمنا من أنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب.

  مسألة: (وإذا طلَّق الرجلُ زوجتَهُ ثلاثاً لم يحل له نكاحُها إلا بعد زوج ثانٍ يطؤها بعقد النكاح)؛ وذلك لقوله تعالى في المطلق التطليقة الثالثة: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}⁣[البقرة: ٢٣٠]. وقلنا: لا تحل للأول حتى يطأها الزوج الثاني؛ لما رُوِيَ عن النبي ÷ أنه قال للتي طَلَّقها⁣(⁣١) رِفاعةُ ثلاثاً⁣(⁣٢): «لاَ، حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ»⁣(⁣٣). يعني الزوجَ الذي تزوجها بعدَ رِفَاعَة.

  مسألة: (وَيَحِلُّ للرجل نكاحُ أربع نسوةٍ سوى من ذكرنا)؛ لقوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ}⁣[النساء: ٣]، ولا خلاف في جواز نكاح الأربع دون ما زاد عليهن.

  مسألة: (ولا يجوزُ نكاح العبد إلا بإذن سيده أو إجازته)؛ وذلك لما رُوِيَ عن أمير المؤمنين # أنه قال: قال رسول الله ÷: «أَيُّمَا عَبْدٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إِذْنِ مَوْلاَهُ فَهُوَ زَانٍ»⁣(⁣٤).


(١) هي تميمة بنت وهب. أسد الغابة ٢/ ٢٨٣، والطبقات الكبرى ٨/ ٤٥٧.

(٢) هو رفاعة القرظي بن سموءل ويقال: ابن سموال، من بني قريظة، وهو خال صفية بنت حيي بن أخطب أم المؤمنين. أنظر أسد الغابة ٢/ ٢٨٣، والجرح والتعديل ٣/ ٤٩٢.

(٣) شرح التجريد ٣/ ٩٥، والشفاء ٢/ ١٧٢، وأصول الأحكام، والبخاري رقم ٢٤٩٦، ومسلم رقم ١٤٣٣، والترمذي رقم ١١١٨.

(٤) المسند ص ٣٠٧، والأمالي ٢/ ٩١٠ بلفظ: «إذا تزوج العبد بغير إذن مولاه فلا نكاح له»، وشرح التجريد =