شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب في النفقة

صفحة 162 - الجزء 1

  مسألة: (وسواءٌ كانت الزوجةُ صغيرةً أو كبيرةً مدخولاً بها أو غير مدخول بها، إلا أن لا تمكنه من نفسها من غيرِعُذْرٍ فتسقط نفقتُها)⁣(⁣١)؛ وذلك لأن ما دل على وجوبِ نفقة الزوجات من قوله تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ}⁣[الطلاق: ٧]، ومن قولِ النبي ÷: «وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ نَفَقَتُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ» - ولم يَفْصِلْ بين أن تكونَ الزوجةُ صغيرةً أو كبيرةً مدخولاً بها أو غيرَ مدخولٍ بها. قلنا: إلا أن لا تُمَكّنَهُ من نفسها لغير عذر فَتَسْقُطُ نفقتُها؛ لأنها وَجَبَتْ في مقابلة التمكين من نفسها، فإذا لم تمكنه من نفسها وَجَبَ أن تسقط النفقة التي هي جاريةٌ مَجرى العِوَضِ، كما في الثمن والمبيع.

  مسألة: (فإن طلَّقها الزوج فلها النفقة ما دامت في العِدَّةِ، إلا أن تُبرئَ منها)؛ وذلك لقوله تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}⁣[الطلاق: ٦]، وقولِه تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ}⁣[الطلاق: ٧]. قلنا: إلا أن تُبرِئَ منها؛ لأنها حَقٌ من حقوقها، فإذا أسقطته سقط كسائر الحقوق من الديون وغيرِها.

  مسألة: (فإن كانت التطليقةُ بائناً لم يكن لها عليه سُكْنَي)؛ لأن إيجابَ الله سبحانه لِسُكْنَى المطلقة يختص بالرجعية؛ لقوله تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ}⁣[الطلاق: ٦]؛ فأوجب سكناها حيثُ يَسكُنُ زوجُها؛ وهذا لا يصح إلا في الرجعية دون المبتوتة التي لا يحل له الدنو منها، ولا المسكن معها؛ فلم يكن على وجوب سكناها دليل.


(١) قال أبو حنيفة: إن الصغيرة التي لا تصلح للجماع لا يجب لها نفقة.