شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب في النفقة

صفحة 163 - الجزء 1

  مسألة: (وإذا توفيَ عنها زوجُها فلها النفقةُ من تَرِكَتِهِ حتى تنقضيَ عِدَّتُها)؛ وذلك لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ}⁣[البقرة: ٢٤٠]؛ فاقتضت الآية إيجابَ النفقة للمتوفي عنها زوجُها إلى تمام الحول؛ لأن المتاعَ عبارةٌ عن النفقة؛ فالآية مشتملة على بيان مدة العدة، وعلى وجوب النفقة، ثم ورد النسخ على مدة العدة بآية الأشهرالأربعة والعشر، وبقي وجوب النفقة في العدة ثابتاً؛ لأن نَسْخَ أحدِ الحكمين لا يكون نسخاً للحكم الآخر، ولأنها مُعتَدَّةٌ عن نكاح فوجبت نفقتُها كما تجب نفقةُ المطلقة.

  مسألة: (وأما المِلْكُ: فإنها تجب على المولى نفقةُ مماليكِهِ، ولا يجوز له تضييعهم)، ولا خلاف في ذلك، وقد روي عن أمير المؤمنين # عن النبي ÷ أنه قال: «أَرِقَّاءَكُمْ أَرِقَّاءَكُمْ؛ فَإِنَّهُمْ لَمْ يُنْجَرُوا مِن شَجَرٍ، وَلم يُنْحَتُوا مِن جَبَلٍ، أَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُوْنَ، وَاكْسُوْهُمْ مِمَّا تَلْبَسُوْنَ وَاسْقُوْهُمْ مِمَّا تَشْرَبُوْنَ»⁣(⁣١). وَرُوِيَ عن بعض العلماء في تفسير هذا أنه ÷ خاطب به قوماً عادتُهم في الأكلِ والشربِ الوسطُ الذي جرى به العرفُ العام؛ إذ لا خلاف أن الواجب على المولى أن يُطْعِمَ عبده ما يسد به جَوْعَتَهُ، وكذلك الكلام في كسوته، وإن كان مولاه يأكل الفائِقَ من الطعام، ويلبس الفاخِرَ من الثياب.

  مسألة: (وأما الضرب الثاني: وهو ما يجب من النفقة بالرحم، فإنه يجب على الموسر نفقةُ قريبه المعسر بشرطين: أحدهما: أن يكون المعسر مسلماً - هذا في غير الوالدين - فأما هما فإن نفقتهما تجب على كل حال إذا كانا


(١) الشفاء ٢/ ٣٨٢، والاعتصام ٣/ ٣٩٣، ومسند أحمد رقم ١٦٤٠٩.