باب القول في الطلاق
  التطليقة الثالثة)، ولا خلاف في ذلك. وأصلُه قول الله سبحانه وتعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}[البقرة: ٢٣٠]، والمراد به التطليقةُ الثالثة.
  مسألة: (وإذا بانت منه بالمُخالعة أو الطلاق قبل الدخول كان له أن يعودَ إليها بنكاحٍ جديد، وإذا بانت منه بالتطليقة الثالثة لم تحل لَه حتى تَنكِحَ زوجاً غيرَه، ويطأَها ويفارقَها وتخرجَ من عدتها): أما جوازعوده إليها في الوجهين الأولَين بعقد نكاحٍ جديدٍ فممَّا لا يعرف فيه خلاف؛ ولأنه لا مانع من جواز ذلك، وقد دخل تحت قوله سبحانه: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ}[النساء: ٢٤]. وأما الوجه الثالث: فالدليل عليه قولُ الله سبحانه: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}[البقرة: ٢٣٠]. قلنا: ولا بد أن يطأَها الزوج الثاني؛ لِما رُوِيَ عن النبي ÷ أنه قال للمرأة التي أرادت العودَ إلى زوجها الأول قبل أن يطأَها الزوجُ الثاني: «لا، حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ». قلنا: ويفارقها الثاني؛ لقوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّه}[البقرة: ٢٣٠]، والمراد به طلاقُ الزوج الثاني. قلنا: وتخرج من عدتها؛ لأن نكاح المعتدة باطلٌ بالإجماع.
  مسألة: (والزوج الثاني يُبْطِلُ حكم التطليقات الثلاث، ولا يهدم ما دونها من الطلاق): أما أنه يُبطِل حكمَ التطليقات الثلاث؛ فلقول الله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}[البقرة: ٢٣٠] فَجَعَلَ غايةَ التحريم الحاصلِ بالثلاثِ نكاحَ الزوج الثاني. وأمَّا أنه لا يهدمُ ما دونها من الطلاق فإن الله تعالى حَكَمَ بأن الحرمةَ تحصُل بالتطليقات الثلاث، وترتفِعُ