شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب القول في البيوع

صفحة 194 - الجزء 1

  فقال ÷: «لاَ بَأْسَ إِذَا كَانَ يَداً بِيَدٍ»⁣(⁣١). فأجاز ذلك، وشرط فيه أن يكون يداً بيد؛ وهذا يقتضي جوازَالتفاضل في الجنس الواحد إذا لم يكن مكيلاً ولا موزوناً، وتَحْرُمُ النسيئة في مثل ذلك.

  مسألة: (وثالثها: بيع الشيء بأكثر من سعروقته مؤجلاً⁣(⁣٢) عند القاسم والهادي @(⁣٣)). والأصل في ذلك أن الربي هوالزيادة، وهذه الزيادة لا يقابلها إلا المدة. فدخلت تحت قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}⁣[البقرة: ٢٧٥]، وجرت مَجرَى الزيادة على الثمن بعد العقد؛ لأجل النَّظِرة به. فكما أن ذلك لا يجوز بالإجماع، كذلك هذا. وروي عن النبي ÷ أنه نَهَى عن بيع المضطر⁣(⁣٤)؛ وذلك يوجب فساد المنهي عنه.

  فصل: وذهب السيد المؤيد بالله والفريقان من الحنفية والشافعية إلى جواز ذلك. ووجه ما قالوه أَن هذا بيع وقع عن تراضٍ؛ فوجب أن يصح كالبيع بالنقد؛ ولأن هذه الزيادة لو كانت ربىً في النسيئة لكانت ربى في النقد، كبيع درهم بدرهمين وما جرى مجراه؛ فصح أنه بيع وليس بربي؛ فدخل تحت قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}⁣[البقرة: ٢٧٥].

  فصل: وعلة الربي عندنا هي الكيل مع الجنس في المكيلات⁣(⁣٥). والوزن


(١) شرح التجريد ٤/ ٥١، وأصول الأحكام، والشفاء ٢/ ٤٣٠، ومسند أحمد بن حنبل رقم ٥٨٨٥، ومجمع الزوائد ٤/ ١١٣، ونصب الراية ٤/ ٤٨.

(٢) ذهب أبو حنيفة والشافعي إلى جوازه.

(٣) الأحكام ٢/ ٧٣، وشرح التجريد ٤/ ٢١، وأصول الأحكام.

(٤) شرح التجريد ٤/ ٢١، والأمالي ٢/ ١٢٦٢، وأصول الأحكام، والاعتصام ٤/ ٧٠، وأبو داود رقم ٣٣٨٢، والبيهقي ٦/ ١٧.

(٥) اختلف على العلة المعدية إلى غيرالمنصوص عليها بالحديث فعندنا وأبي حنيفة أنها الاتفاق في الجنس والتقدير، وقال الشافعي الاتفاق في الجنس والطعم، وقال مالك الاتفاق في الجنس والاقتيات.