باب القول في البيوع
  أعطاني النبي ÷ ديناراً لأشتريَ به شاة، فاشتريت به شاتين، فبعت إحداهما بدينار، وجئت بالأخرى ودينار، فقال: «أَحْسَنْتَ». وروي أنه دعا له في بيعه بالبركة، فكان لواشترى التراب ربح فيه(١). فدل ذلك على جواز البيع والشراء الموقوفين؛ لأن عروةَ اشترى ما لم يؤمر بشرائه، ثم باع ما لم يؤمر ببيعه، وأجاز النبي ÷ ذلك.
  مسألة: (ومن جملة ما يلحق بالباب: بيع ما لم يقبض(٢)، وبيع الحيوان الذي يؤكل لحمه باللحم، فإن ذلك فاسد). أما بيع ما لم يقبض: وهو أن يبيعَ المشتري السلعةَ قبل قبضها من البائع؛ فالأصل في المنع منه ما روي عن أمير المؤمنين # أنه قال: نهى رسول الله ÷ عن ربح ما لم يضمن، وعن بيع ما لم يقبض. وأما بيع الحيوان الذي يؤكل لحمه باللحم؛ فالأصل فيه ما ورد عن أبي بكر وابن عباس أن جَزُوراً نُحِرَعلى عهد رسول الله ÷ فجاء رجل بِعَنَاقٍ فقال: أُعطُونِي بهذا العَنَاقِ، فقالوا: لا يصلح ذلك(٣). ولم يظهر خلافهما عن أحد، ولم يظهر عن رسول الله ÷ إنكار لقولهما؛ فاقتضي ذلك أن بيع الحيوان الذي يؤكل لحمه باللحم لا يجوز. فأما إذا كان مما لا يؤكل لحمه فبيعه باللحم جائز؛ لاختلاف جنسهما، وكان القياس يقتضي جواز بيع
= درهم. وقيل له بارق؛ لأنه نزل عند جبل اسمه (بارق) فنسب إليه وقيل غير ذلك. انظر أسد الغابة ٤/ ٢٥، والطبقات الكبرى لابن سعد ٦/ ٣٤، والتاريخ الكبير ٧/ ٣١، والجرح والتعديل ٦/ ٣٩٥
(١) شرح التجريد ٤/ ١٩، والأمالي ٢/ ١٣٧٠، والشفاء ٢/ ٤٠٥، والاعتصام ٤/ ٢٢، والبخاري رقم ٣٤٤٣، وأبو داود رقم ٣٣٨٤، وابن ماجه رقم ٢٤٠٢.
(٢) وأجاز الشافعي هبته، وقال أبو حنيفة: يجوز بيع غير المنقول قبل قبضه.
(٣) الشفاء ٢/ ٤٣٥، والاعتصام ٤/ ٧٠، والبيهقي ٥/ ٢٩٧ بما يقارب لفظه. والجزور من الإبل المختار ص ١٠٢، والعناق: الأنثى من الماعز المختار ص ٤٥٨.