باب القول في البيوع
  اللحم بالحيوان على الإطلاق، إلا أنا منعنا منه في ما يؤكل للخبر المتقدم.
  مسألة: (وإذا تلف المبيع قبل تسليم البائع له فهو في ضمان البائع، وعليه رد ما أخذ من الثمن). أما ضمانه على البائع فالأظهر أنه إجماع؛ وذلك لأن البيع يتضمن مبيعاً وثمناً، ولا شك أن الثمن لا يصير في ضمان البائع إلا بالقبض، وكذلك المبيع لا يكون في ضمان المشتري إلا بالقبض أيضاً؛ لأن كل واحد منهما بدلٌ مُلِكَ بعقد البيع. قلنا: وعليه ردُّ ما أخذه من الثمن؛ لأن المستحق بعقد البيع ما هو مبيع، وهو أحد البدلين؛ فإذا تعذر عليه أخذ المبيع رجع إلى البدل الثاني وهو الثمن، وما روي عن النبي ÷ من نهيه عن بيع الثمار حتى تصفرَّ أو تحمرَّ، وقال: «أِرَأَيْتُمْ إِنْ مَنَعَ اللهُ الثَمَرَةَ، بِمَا يسْتَحِلُّ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيْهِ؟»(١) يدل على أن المبيع إذا هلك قبل قبض المشتري لم يحل اللبائع شيءٌ من الثمن.
  مسألة: (والتفرق الذي يتم به البيع هو تفرق الْمُتَبَايِعَيْنِ بالأقوال، بأن يَصْرِمَا(٢) العقد وإن لم يتفرقا بالأبدان). والأصل في ذلك قوله تعالى: {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ}[النساء: ٢٩]، وهذه تجارةٌ قد وقعت عن تراضٍ، وروي عن النبي ÷ أنه قال: «مَنِ اشْتَرَى طَعَاماً فَلاَ يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ»(٣) ولم يفصل بين أن يتفرقا
(١) شرح التجريد ٤/ ٣٠، والشفاء ٢/ ٤١٢، والاعتصام ٤/ ٤٠، والبخاري رقم ٢٠٨٦، ومسلم رقم ١٥٥٥، والبيهقي ٥/ ٣٠٠.
(٢) أي يقطعا.
(٣) شرح التجريد ٤/ ٦٨، والشفاء ٢/ ٤٠٨، ومسلم رقم ١٥٢٦، وأبو داود رقم ٣٤٩٧، والمعجم الكبير ١١/ ١٢ رقم ١٠٨٧٦، وابن حبان رقم ٤٩٨٠.