شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب الشركة

صفحة 221 - الجزء 1

  على السوق: «إِنَّمَا كُنْتَ تُرْزَقُ بِمُوَاظَبَةِ صَاحِبِكَ عَلَى الْمَسْجِدِ»⁣(⁣١). ولا خلاف في جواز هذه الشركة على الجملة. قلنا: وتكون الخسارة على قدر رؤوس الأموال؛ لما روي عن أمير المؤمنين # انه قال «ليس على من قاسم في الربح ضمان»⁣(⁣٢)، وهذا مقاسم في الربح فلو لم تكن الوضيعة على قدر رؤوس الأموال لكان أحدُهما قد ضمن لصاحبه، وذلك لا يجوز. وقلنا: ولا يجوز أن يكون الأقل من الربح للذي يتولى العمل، والمراد بذلك إذا كان رأس مالهما متساوياً؛ وذلك لأن الربحَ يجبُ أن يقابل المالَ أو العملَ، فإذا شرطا ربحاً لا يكون مقابلاً لواحد منهما جرى مجرى الرِّبى، وصار كما لودفع إلى رجل مالاً ليتجر فيه على أن يعطيه جميع الربح وزيادة؛ فكما أن تلك الزيادة تكون ربى فكذلك هذا.

  مسألة: (والثالث شركة المضاربة: وهي أن يدفع رجلٌ إلى رجلٍ نقداً من ماله، دون غيره من العروض، ليتجر فيه، ويكون الربح بينهما على ما يشترطان عليه، والخسارة على صاحب المال، فإن خالفه كان متعدياً ضامناً. ولا يجوز له أن يخلط مال المضاربة بغيره، ولا أن يدفعه مضاربة إلى غيره، ولا أن يقرض منه شيئاً إلا بإذن صاحبه). والأصل في صحة المضاربة وجوازها إجماع المسلمين، فإنهم لم يختلفوا في ذلك. وإنما اشترطنا أن يكون رأسُ المالِ نقداً؛


(١) المسند ص ٢٨٤، وشرح التجريد ٤/ ١٨٥، وأصول الأحكام، والشفاء ٣/ ٣٦، والاعتصام ٤/ ١٧٥، والترمذي رقم ٢٣٤٥ بلفظ: كان أخوان على عهد النبي ÷ فكان أحدهما يأتي النبي ÷ والآخر يحترف فشكي المحترف أخاه إلى النبي ÷ فقال: «لعلك ترزق به»، ومثله في المستدرك ١/ ٩٤.

(٢) شرح التجريد ٤/ ١٨٦، وأصول الأحكام، وفي الاعتصام ٤/ ١٧٠، وعبد الرزاق / ٢٥٣ بلفظ: «من قاسم الربح فلا ضمان عليه».