شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب الصدقة

صفحة 246 - الجزء 1

  لأبويه فلما ماتا جعله له⁣(⁣١). وإنما قلنا: يعود إلى الواقف أوورثته متي عدم ورثُة الموقوف عليه، فإن كان للموقوف عليه ورثةٌ فَهُمْ أولى به من الواقف؛ وذلك لما في خبر الأنصاري، فإنه عاد إليه الوقف وهو وارث للموقوف عليهما؛ ولأنه حق من حقوق الأموال، فوجب صرفُه إلى الورثة المستحقين كسائر الحقوق المتعلقة بالأموال.

  مسألة: (وليس للواقف أن يَرجِعَ عن وقفه، ولا أن يحدث فيه بيعاً ولا هبة، ولا رهناً، سواء أخرجه من يده أو لم يخرجه)؛ وذلك لقول النبي ÷ في الوقف: «لا يُبَاعُ ولا يُوْهَبُ»⁣(⁣٢). وأما الرهن فإنما لم يجز؛ لأن فائدة الرهن أن يحبسه بحقه، فإذا عجز عن الوفاء استوفاه بيع الرهن وذلك لا يصح في الوقف. قلنا: سواء أخرجه من يده أو لم يخرجه؛ لما ورد من الأخبار المقتضية لصحة الوقف؛ فإنها لم تفصل بين ما إذا أخرجه من يده أو لم يخرجه؛ ولأن من وَقَفَ من الصحابة كعَلِيٍّ # وعُمَرَ وغيرِهما لم يُرْوَ أنهم أخرجوها من أيديهم، فصح الوقف مع ذلك.


(١) شرح التجريد ٤/ ٢٦٦، والشفاء ٣/ ٧١، وأصول الأحكام، وموطأ الإمام مالك ٢/ ٧٦٠ رقم ١٤٥٢ بلفظ: أن رجلاً من الأنصار من بني الحارث بن الخزرج تصدق على أبويه بصدقة فهلكا فورث ابنهما المال وهو نخل فسأل عن ذلك رسول الله ÷ فقال: «قد أجرت في صدقتك وخذها بميراثك»، وهوعبدالله بن زيد الأنصاري.

(٢) شرح التجريد، والشفاء ٣/ ٦٧، وأصول الأحكام، والبخاري رقم ٢٥٨٦ بلفظ: «أن عمر بن الخطاب أصاب أرضا بخيبر فأتي النبي ÷ يستأمره فيها، فقال: يا رسول الله إني أصبت أرضاً بخيبر لم اصب مالاً قط أنفس عندي منه فما تأمر به قال: إن شئت حبست أصلها، وتصدقت بهما، قال: فتصدق بما عمرأنه لا يباع ولا يوهب ولا يورث» ... الخ، ورقم ٢٦٢٠، ومثله في مسلم رقم ١٦٣٢، والترمذي رقم ١٢٧٥، وأبي داود رقم ٢٨٧٨، وابن ماجه، والبيهقي ٦/ ١٥٩.