باب الأيمان
  لِيَقْطَعَ بِهَا مَالَ مُسْلِمٍ، لَقِيَ اللهَ وَهُوَعَلَيْهِ غَضْبَانُ»(١)، وذلك يوضح عِظَمَ حالها. وأما الكفَّارةٌ فلا تجب فيها؛ لأنه لا دليل يقتضي وجوبها، والكفارة إنما شرعت في اليمين المعقودَةِ التي لا يقارنها الحِنث؛ لأنها التي يمكن حفظها والامتناع من الحنث فيها؛ لقوله تعالى: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ}[المائدة: ٨٩]. أما الغموسُ فإنها تقعُ، وصاحبُها حانِثٌ فلا يمكن حفظها؛ ولأن الكفارة وجبت في اليمين المعقودة؛ لقوله تعالى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ}[المائدة: ٨٩]. وإذا وقعت معقودة انحلت بالحِنْثِ، فأما الغموس فإنها تقع منحلة.
  مسألة: (والثاني اللغو(٢): وهي التي يَظُنُّ الحالف أنه صادق فيها ثم يظهر له خلاف ذلك، فلا إثم عليه ولا كفارة. وينبغي له أن يتحرز عن مثل ذلك). ومن حق اللغو أن تقع في أمر ماضٍ يظن أنه صادق فيه ثم يظهر له خلافه، نحو أن يحلف: إني قد واجهت زيداً، أو قضيت دينه، وما جرى هذا المجرى، ويظن صدقه فيما قال، ثم يصح له خلافه. وإنما قلنا: لا إثم عليه فيها ولا كفارة؛ لقوله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ}. وقلنا: إن اللغوَ ما ذكرنا؛ لأنه تعالى فصل بينها وبين المعقودةِ وهي التي تُعقَدُ على أمر مستقبل، فكانت اللغو مما تعلق بالماضي. وَفَصَل سبحانه بين اللغو وبين الغموس بقوله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ
(١) الشفاء ٣/ ٩٥، والاعتصام ٤/ ٢٧٧، والبخاري رقم ٦٢٨٣، والبيهقي ١٠/ ٤٤، والمعجم الكبير ٣/ ٣٥٦ رقم ٣٣٣١، والنسائي رقم ٥٩٩٦.
(٢) قال الشافعي: اللغو هو ما يصدر حال الغضب والخصام.