شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب آداب القاضي

صفحة 300 - الجزء 1

  وروي عن أمير المؤمنين # أنه قال: «القُضَاةُ ثلاثةٌ: قَاضِيَانِ في النَّارِ وقَاضٍ في الجنَّةِ، قَاضٍ قَضَى فَتركَ الحقَّ وهو يعلمُ، وقاضٍ قضَى بغيرِ الحقِّ وهوَلا يعلمُ، فهذان في النار، وقاض قضى بالحق وهو يَعْلَمُ، فَهُوَ في الجنَّةِ»⁣(⁣١).

  فصل: وعند السيد المؤيد بالله قدَّسَ الله روحه، أنَّ كونَهُ عالِماً ليس بشرطٍ في صحةِ قضائه، بل يجوز قضاء المقلِّد⁣(⁣٢)، ووجه ذلك، أن التقليدَ هوطريقُ من قَصُرَعن الاجتهاد، يَتَوَصَّلُ به إلى امتثال مراد الله ø في فروع الأحكام، كما أن الاجتهاد طريقٌ يَتَوَصَّلُ به المجتهد إلى امتثال مراد الله تعالى منه في ذلك، وكما أن الوحيَ طريقٌ يَتَوَصَّلُ به النبي ÷ إلى امتثالِ مراد الله تعالى. فكما جازَ للمجتهدِ أن يحكمَ باجتهاده مع قصور حاله عن حال النبي ÷، كذلك يجوز للمقلِّدِ أن يحكم مع قصور حاله عن حال المجتهد؛ لأن كلَّ ذلك هو تكليفُ من ذكرنا.

  مسألة: (وإذا تقاضي إليه الخصمان وجب عليه المساواةُ بينهما في كل حال)؛ وذلك لما روي عن أمير المؤمنين #: عن النبي ÷ أنه قال: «لاَ تُضيِّفْ أَحَدَ الْخَصمَيْنِ دُوْنَ صَاحِبِهِ». وعنه ÷ أنه قال: «مَنِ ابْتُلِي بِالقَضَاءِ بَيْنَ الْمُسْلِمِيْنَ فَلْيَعْدِلْ بَيْنَهُمْ في لَحْظِهِ وَإِشَارَتِهِ وَمَقْعَدِهِ وَمَجْلِسِهِ، وَلاَ يَرفَعْ صَوْتَهُ عَلَى أَحَدِ الْخَصمَيْنِ مَا لم يَرفَعْ عَلَى الآخَرِ»⁣(⁣٣).


(١) المسند ص ٢٩٥.

(٢) انظر التجريد ٦/ ٧٢.

(٣) شرح التجريد ٦/ ٧٢، والشفاء ٣/ ٢٩٤، وأصول الأحكام، وتلخيص الحبير ٤/ ١٩٣ رقم ٢١٠٤ بلفظه، والمعجم الكبير ٢٣/ ٣٨٦ رقم ٩٢٣، ونصب الراية ٤/ ٧٣، ومسند أبي يعلى رقم ٦٩٢٤ بألفاظ مقاربة.