شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب الحدود

صفحة 329 - الجزء 1

  فرجله اليسرى، ثم لا يقطع أكثرُ من ذلك⁣(⁣١). قلنا: ولا قطع على والد إذا سرق من مال ولده، وذلك مما لا خلاف فيه، وأصله ما روي عن النبي ÷ أنه قال: «أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيْكَ»⁣(⁣٢). فصار ذلك شُبْهَةً يَسْقُطُ بها الحدُّ؛ لقوله ÷: «ادْرَؤُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ»⁣(⁣٣). قلنا: وَيُقْطَعُ الولد إذا سرق مال والده؛ وذلك لأن ما اقتضاه وجوب قطع يد السارق من الآية والأخبار لم تفصل بين الولد وغيره فوجب قطعه. قلنا: ولا يقطع العبد إذا سرق من مال سيده؛ وذلك مما لا خلاف فيه، وقد روي عن أمير المؤمنين # أن رجلاً أتاه فقال: يا أمير المؤمنين، عبدي سرق متاعي. فقال: «مالُكَ سَرَقَ بَعْضُهُ بعضاً».⁣(⁣٤) وعن عُمَرَ نحوٌ من ذلك، وأنه قال: خادمك سرق متاعك، لا قطع عليه⁣(⁣٥).

  مسألة: (والخامس: حدَّ المحارب: وهو الذي يقطع الطريق ويحمل السلاح؛ لإخافة المسلمين، فإنه ينفى بأن يطرد من البلد إلى بلد آخر، فإن ظَفِرَ به الإمامُ قبل جناية منه على أحدٍ عزَّره على ما يرى، وإن كان قد أخذ شيئاً من المال قُطِعَتْ يدُه ورجلُه من خلاف، وإن كان قد قتل أحداً قتل به ثم صلب، فإن تاب قبل أن يَظْفَرَ به الإمام سَقَطَتْ عنه هذه الحدود). والأصل في ذلك قول الله سبحانه: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ


(١) شرح التجريد ٥/ ١٣٩، والشفاء ٣/ ٣٥٢، وأصول الأحكام.

(٢) شرح التجريد ٥/ ١٥٤، والشفاء ٣/ ٣٤٩، وأصول الأحكام، والاعتصام ٥/ ١١١، وابن ماجه رقم ٢٢٩٢، والبيهقي ٧/ ٤٨٠، والمعجم الكبير ٧/ ٢٣٠ رقم ٦٩٦١، وابن حبان رقم ٤١٠.

(٣) شرح التجريد ٥/ ١٠٨، والشفاء ٣/ ٣١١، وأصول الأحكام، وتأريخ بغداد ٩/ ٣٠٣، وتلخيص الحبير ٤/ ٥٦، وكنز العمال ١٢/ ١٢٩٥٧، ١٢٩٧٢، ونصب الراية ٣/ ٣٣٣.

(٤) المسند ص ٣٣٩، والأمالي ٣/ ١٤٠٣، ١٤٢٧، والأحكام ٢/ ٢٥٤، والشفاء ٣/ ٣٤٩، وأصول الأحكام، والبيهقي ٨/ ٢٤٣، والمعجم الكبير ٩/ ٣٤٠ رقم ٩٦٩٣.

(٥) الشفاء ٣/ ٣٤٩، وابن أبي شيبة ٥/ ٥١٩ بمعناه.