شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب الوصايا

صفحة 332 - الجزء 1

  القصاص من قوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}⁣[المائدة: ٤٥]، وغير ذلك كما تقدم. وقول النبي ÷: «عَلَى اليَدِ ما أَخَذَتْ حَتَّي تَرُدُّ»⁣(⁣١)، ولا يظهر خلاف في أن المحارب إذا تاب بعدما ظَفِرَ به الإمامُ لم يَسْقُطْ عنه الحد، كرجم التائب، وكذلك القصاص.

باب الوصايا

  مسألة: (الوصايا ضربان: وصيةٌ بواجب، ووصية بما ليس بواجب. فالوصية بالواجب ضربان: أحدهما: ما كان متعلقاً في الأصل بالمال، كالديون والمظالم والزكوات والأعشار والخمس، وما وجب بالنذر والكفارات كلِّها سوى كفارات الصوم، فهذا يلزم من جميع المال، ولا يعتبر فيه رضاءُ الورثة). أما الديون التي لها طالبٌ معين، فلا خلاف في وجوبها من جميع المال. وقد روي عن أمير المؤمنين # أنه قال: «لا وصيَّةَ ولا ميراثَ حتى يُقْضَى الدينُ»⁣(⁣٢). وأما المظالم التي لا يُعْرَفُ أربابها، وسائر ما تقدم ذكره من الحقوق المتعلقة بالأموال، فإنها جارية في ذلك مجرى الديون؛ لتعلق الجميع بالمال، فلزمت من جميعه، ولا تفتقر إلى إجازة الورثة كالديون.

  مسألة: (والثاني: ما كان مُتَعَلِّقاً في الأصل بالبدن، كالحج والصوم وكفارة الصوم، فإن هذا يلزم من ثلث التركة فما زاد على الثلث لم يجز إلا بإجازة الورثة). وذلك لأنه لما كان مُتَعَلِّقاً في الأصل بالبدن لم يلزم إلا بالوصية منه،


(١) شرح التجريد ٥/ ١٦٢، والشفاء ٣/ ٣٦٥، والبيهقي ٦/ ١٠٠ بلفظ: «حتى تؤديه»، ومثله نصب الراية ٣/ ٣٧٥، وأبو داود رقم ٣٥٦١، والترمذي رقم ١٢٦٦، وابن ماجه رقم ٢٤٠٠.

(٢) المسند ص ٣٧٧، والشفاء ٣/ ٤٤١، والاعتصام ٥/ ٢٤٥.