شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب الوصايا

صفحة 333 - الجزء 1

  وتعلَّق بالثلث. ودخل تحت ما روي عن سعد بن مالك⁣(⁣١) قال: مَرِضْتُ فأتاني رسولُ الله ÷ يعودني فقلت: يا رسول الله إن لي مالاً كثيراً وليس يرثني إلا ابنتي فأُوصِي بمالي كلِّه؟، وفي بعض الأخبار: بثلثي مالي؟، قال: «لا» قلت: فالشطر؟ قال: «لا» قلت: «فالثلث»؟ قال: «الثُّلُثُ، والثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ إِن تَتْرُكَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَن تَتْرُكَهُمْ عَاَلَةً يَتَكَفَّفُوْنَ النَّاسَ»⁣(⁣٢) وقوله ÷: «إِنَّ اللهَ جَعَلَ الثُّلُثَ في آخِرِأَعمَارِكُمْ زِيَادَةً في أَعْمَالِكُم»⁣(⁣٣).

  مسألة: (وما ليس بواجب: فهو ما يتطوع الإنسان به من القربات، أو يوصي به لغيرِه من الناس، فهذا يجوز من الثلث بعد قضاء الديون، إلا أن يُجِيزَه الورثة). والوجه في ذلك ما تقدم من قوله ÷: «الثُّلُثُ، والثُّلُثُ كَثِيرٌ»، والخبر الثاني. ولا خلاف في أن الوصية بذلك لا تصح إلا في الثلث، إلا أن يجيزها الورثة.

  مسألة: (وسواء كانت الوصية لوارث أو غير وارث في جوازها). أما من ليس بوارث، فالوجه في جواز الوصية له ما تقدم. وأما الوارث فالوصية جائزة له عند الهادي #(⁣٤). ووجه ذلك قوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ}⁣[النساء: ١١]، ولم يفصل بين أن تكون الوصية لوارث أو غير وارث. وما روي عن النبي ÷ أنه قال: «إِنَّ اللهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ


(١) هو سعد بن أبي وقاص. الاستيعاب ٢/ ١٧١، والإصابة ٢/ ٣٧، وابن عساكر ٩/ ٢٥٠.

(٢) شرح التجريد ٥/ ٢٣٤، والشفاء ٣/ ٤٢٤، والاعتصام ٥/ ٢٤٦، وأصول الأحكام، والبخاري رقم ١٢٣٣، ومسلم رقم ١٦٢٨، والترمذي رقم ٢١١٦، وأبو داود رقم ٢٨٦٤.

(٣) المعجم الكبير ٤/ ١٩٨، والبيهقي ٦/ ٢٦٩ بمعناه.

(٤) الأحكام ٢/ ٤٢٧.