شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب الجهاد

صفحة 360 - الجزء 1

  قوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} إلى قوله: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ}⁣[المائدة: ٤٥]، وغير ذلك. وقد روي عن أمير المؤمنين # أنه قتل أسيراً يوم الجمل، كان قد قَتَلَ⁣(⁣١). قلنا: فإن لم يكن فَعَلَ شيئاً من ذلك، فَعَلَ به الإمام ما يرى، من حبس أو إطلاق؛ وذلك لما روي عن النبي ÷ أنه حبس في التهمة⁣(⁣٢). وعن أمير المؤمنين # أنه اتخذ حبساً، وكان يحبس فيه من يرى حبسه صلاحاً للمسلمين⁣(⁣٣). قلنا: إن ظهر منه كيدٌ للإسلام، والحرب قائمة، جاز قتله للإمام. والمراد بقيام الحرب: هوأن يكون للباغي فئةٌ يرجع إليها؛ لأنه يكون حينئذٍ مستمرًّا على بغيه، والْمُصِّرُّ على بغيه يجوز قتله إذا كان له فئة، وإن لم يحارب في الحال. وقد روي عن أمير المؤمنين # أنه قال في البغاة: «إذا كان لهم فئةٌ أُجْهِزَ على جرحاهم، وأُتْبِعَ مُدْبِرُهُمْ»⁣(⁣٤). وهذه أحكام الأسير الباغي، سواء كان مع أهل البغي، أو مع أهل الحرب. فأما الأسير من أهل الحرب، فإنه يجوز قتله على كل حال؛ وذلك لما روي عن النبي ÷ أنه قتل يوم بدر عقبةَ بنَ أبي معيط أسيراً⁣(⁣٥). وقتل أيضاً ذلك اليوم النظر بن الحارث؛ لأنه مشرك لا أمان له، فجاز قتله، كما يجوز قتل الأسير.

  مسألة: (ومتي ظفر بأموال أهل الحرب، وكان فيها شيء معين لرجل مسلم، كان له أخذه قبل قسمة الغنائم بغير شيء يدفعه، وإن وجده بعد


(١) شرح التجريد ٦/ ٢٥٩، والشفاء ٣/ ٥٩٨ بلفظ قريب.

(٢) شرح التجريد ٦/ ٢٥٦، والشفاء ٣/ ٢٦٦، وأصول الأحكام.

(٣) شرح التجريد ٦/ ٢٥٩، والشفاء ٣/ ٣٠٧: روي أن عليا (ع) أمر ببناء حبس في البصرة وحبس في الكوفة.

(٤) المسند ص ٣٥٩، وشرح التجريد ٦/ ٢٨٣، وأصول الأحكام.

(٥) شرح التجريد ٦/ ٢٥٨، والشفاء ٣/ ٥١٧، وأصول الأحكام، وسيرة ابن هشام ٢/ ٢٥٥.