شرح نكت العبادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب أموال الكفار التي تؤخذ منهم

صفحة 367 - الجزء 1

  ولأنهم ممن كانت لهم عنايةٌ ومعونة، فوجب أن يعطوا من الغنيمة على قدر عنايتهم، وإلا كان حيفاً عليهم، وتزهيداً لهم في المعونة على الجهاد.

  مسألة: (والثاني: الفيء: وهو ما يؤخذ من الكفار على وجه الصلح أو الجزية أو مال الخراج، فإنه يُرَدُّ إلى بيت مال المسلمين، ويصرف إلى مصالحهم، وفيه الْخُمُس). أما الذي يؤخذ على وجه الصلح، فنحو ما يؤخذ من نصاري بني تغلب، على ما يأتي بيانُه، وما جرى مجراه مما يُصالِحُ به الإِمامُ من كان في منعةٍ من الكفار، وكذلك الجزيةُ يأتي ذكرها. وأما الخراج، فنحو ماضربتْه الصحابةُ ¤ على أرض العراق وما جرى مجراها، لما افتتحوها فإنهم أقروها في أيدي أهلها على خراجٍ يؤدونه في كل سنة. وقد ورد عن أمير المؤمنين # أنه كان يجعل على كل جريب من زرع البر الغليظ درهمين وثُلُثًا وصاعاً من حنطة، وعلى جريب البر الوسط درهمًا، وعلى جريب البرالرقيق ثلث درهم. وفي رواية أخرى: ثلثي درهم، وعلى جريب النخل والشجر عشرة دراهم، وعلى جريب القصب والكَرْم عشرة دراهم⁣(⁣١). وإنما قلنا: في ذلك الخمس؛ لأنه مما يُتَغَنَّمُ فيدخل في جملة الغنائم.

  مسألة: (ومن جملة الفيء أرض الكفار، إذا أُجْلِيَ عنها أهلُها قبل القتال لهم كان أمرها إلى الإمام يضعها حيث يشاء)؛ وذلك لقول الله تعالى: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}⁣[الحشر: ٦]. وقد


(١) المسند ص ١٩٧، والاعتصام ٢/ ٢٩٤.