باب ذكر ما يفسد الصلاة
  يَصْلُحُ فِيْهَا شَيءٌ مِنْ كَلاَم النَّاسِ». الخبرَ، ولم يفصل بين كلام المتعمد والساهي. وأما المفروض والمسنون فيها فلا خلاف في جوازه؛ فإنه غيرُ مفسدٍ للصلاة. قلنا: ويدخل في ذلك التأمين، وهو أن يقولَ المصلي: آمين بعد قراءة الفاتحة، وإنما كان ذلك مفسداً للصلاة؛ لأنه من جملة الكلام، وقد قال ÷: «إِنَّ صَلاَتَنَا هَذِهِ لاَ يَصْلُحُ فِيْهَا شَيءٌ مِنْ كَلاَم النَّاسِ؛ إِنَّمَا الصَّلاَةُ التَّسْبِيحُ وَالتَّحْمِيدُ وَقِرَاءَةُ القُرْآنِ». وفي بعض الروايات التكبير، ولا شك أن التأمين ليس من هذه الأشياء فلم يكن من الصلاة ولا مُصْلِحاً لها؛ فثبت أنّهُ يُفسِدُها.
  مسألة: (والثالث: أن يفعل فيها أفعالاً كثيرة ليست منها، ويدخل في ذلك وَضْعُ اليد على اليد). أما الأفعال الكثيرة فلا خلاف في أنها مُفْسِدةٌ للصلاة، نحو الأكل والشرب والمشي الطويل وما جرى هذا المجرى؛ ولقوله ÷: «اسْكُنُوا فِي الصَّلاَةِ»(١)؛ وذلك يقتضي النهيَ عن الأفعال فيها إلا ما خصه الدليل. قلنا: ويدخل في ذلك وضع اليد على اليد؛ لأنه من جملة الأفعال الكثيرة ولقوله تعالى: {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ}[المؤمنون: ٢]، والخشوعُ هو السكون. ولما روي عن النبي ÷ أنه قال: «اسْكُنُوا فِي الصَّلاَةِ». وذلك يمنع من رفع اليد ووضعها على الأخرى؛ لأنه يخالف السكون(٢).
(١) شرح التجريد ١/ ١٦٧، وأصول الأحكام، والاعتصام ١/ ٣٥٧، والشفاء ١/ ٣٠٩، ومسلم رقم ٤٣٠، والنسائي رقم ٥٥٢، والطبراني في الكبير ٢/ ٢٠٢ رقم ١٨٣٢، والبيهقي ٢/ ٢٨٠.
(٢) ولأن روايات الضم مضطربة فالضم عند الحنفية تحت السرة واستدلوا بما روي عن النبي ÷ أنه صلى على جنازة فوضع يده اليمنى على اليسرى تحت السرة وبما روي عن أبي هريرة أنه قال: من السنة وضع اليمنى على اليسرى تحت السرة، واستدلوا كذلك بأن الضم تحت السرة أبعد من التشبه بأهل الكتاب وأما الشافعية فقد جعلوا الضم على الصدر (فوق السرة) واستدلوا بما روي عن النبي من =